- قد يظن البعض أن المسافة بين الراقصة والمرشح للانتخابات مسافة من السماء إلى الأرض وأن الأولى تبيع الجسد والثاني يخدم الوطن لكن الحقيقة الصادمة أن بينهما خيطًا رفيعًا من الشبه لا يراه إلا من تجرد من العاطفة ونظر بعين العقل والضمير.
فالراقصة لا تصعد إلى المسرح إلا بعد أن تتأكد أن الأضواء مسلطة عليها وأن العيون مفتونة برقصها ثم تجمع المال من جيوب المبهورين.
وكذلك بعض السياسيين لا يظهرون في القرى والشوارع إلا حين تقترب الانتخابات يوزعون ابتساماتهم المصطنعة وأعمالهم الخيرية الممولة من أموال يريدون استردادها أضعافًا مضاعفة بعد الفوز بالمقعد.
كلاهما يؤدي دورًا محسوبًا بإتقان
الراقصة تثير الغرائز والسياسي يثير العواطف.
الراقصة تبيع الوهم في صورة فن والسياسي يبيع الضمير في صورة خدمة.
الراقصة تعرف جمهورها وتُرضي رغباته والسياسي يعرف فقر الناس وحاجتهم فيستغلها تحت لافتة الخير
والأدهى أن الراقصة صريحة في مهنتها لا تدّعي الطهر ولا تزعم خدمة الناس أما السياسي فـيتطهر زيفًا أمام الكاميرات وهو يوزع بطانية هنا أو شنطة مواد غذائية هناك متوهمًا أن دموع المحتاجين شهادة نزاهة وأن صوره وسط البسطاء صك شرعية
يا سادة لا فرق بين من يرقص على أنغام الطبل في الملهى ومن يرقص على فقر الناس في موسم الانتخابات فكلاهما يرقص ولكن على حساب الكرامة.
إن المال الحرام لا يتطهر بشنطة رمضانية ولا تبرئة الذمة بترميم جدار مدرسة أو دهان سور مسجد في موسم الدعاية فكل ذلك شراء للضمائر لا صدقة في سبيل الله.
إن ما تحتاجه القرى والدوائر الانتخابيه ليس مرشحًا يشتري صوته بخيرٍ مؤقت بل نائبًا يُصلح نظامًا فاسدًا من جذوره.
نحتاج من يعمل للناس في غياب الكاميرا لا من يبيع الأخلاق في موسم الأصوات.
فكما أن الرقص مهنة لا تبني وطنًا فإن السياسة على طريقة الراقصات تهدم ما تبقى من شرف الكلمة ونقاء النية.