من المُسلم به أن الانتخابات النيابية في اى مجتمعات تعد من أبرز مظاهر الممارسة الديمقراطية، فهي الوسيلة المثلى التي يُعبّر بها المواطن عن إرادته وقناعته، ويشارك من خلالها في صناعة القرار وتحديد مسار السياسات العامة للدولة، وفي ظل التحديات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية التي نمر بها، تزداد أهمية وضرورة المشاركة السياسية، ليس فقط كحق دستوري وقانونى ، بل كواجب وطني لا يقل أهمية عن أي عمل يُسهم في استقرار الدولة وتنميتها والنهوض بها.
وندرك جميعاً أنه في بعض الأوقات كثيرًا ما تُقابل الانتخابات بحالة من الفتور أو اللامبالاة لدى الناخبين، وهذا بحجة أن "الأمور محسومة" لصالح مرشح معين أو أن الصندوق لا يغير شيئا عن الواقع، وهي حجج تهدد جوهر العملية الديمقراطية، ولا أساس لها من الصحة على أرض الواقع فالعزوف عن التصويت لا يعبّر عن احتجاج بقدر ما يفسح المجال أمام قوى أو جماعة قد لا تعبّر عن تطلعات الأغلبية من أبناء الشعب ويجعل البرلمان – السلطة التشريعية التي تراقب الحكومة وتسُنّ القوانين – بعيده عن التمثيل الحقيقي للشعب.
إن المجالس النيابية ليست مجرد مؤسسات شكلية، بل هو قلب النظام الديمقراطي، وغياب الوجوه الكفؤة من أصحاب الخبرات ينعكس ذلك على حياة المواطنين اليومية، وهذا بسبب القوانين التي تُقرّ، والموازنات التي تُعتمد، والرقابة التي تُمارس على السلطة التنفيذية، ولذا فإننا ندرك جيدا أن المشاركة الواعية في الانتخابات النيابية هي الطريق الوحيد نحو وجود أعضاء أقوياء يعكسون تنوع المجتمع وإرادة الناخبين، ويدافعون عن مصالحهم، ويصونون حقوقهم ويعملون على حل مشاكل الشارع .
لذلك، فإن الإقبال على صناديق الاقتراع وممارسة المواطنين حقوقهم الدستورية والقانونية في التصويت بأصواتهم يجب أن يكون بدافع الأمل لا الإحباط، وبروح المسؤولية لا اللامبالاة. فكل صوت يُحدث فرقًا، وكل مشاركة تُسهم في بناء مستقبل أفضل لنا جميعاً، وعلينا أن نضع دائماً في عين الإعتبار أن الديمقراطية لا تُمنح، بل تُنتزع بالمشاركة والتفاعل، ولا تنمو إلا بوعي المواطنين وحرصهم على ألا يُدار وطنهم دونهم ، بل يكون المواطن هو صاحب الرأى والمشورة في بناء الجمهورية الجديدة التى طالما حلمنا بها جميعاً منذ عصور.