يكتب أختيار الأشخاص الخطأ والثمن الفادح التي تدفعة المؤسسات في عالم الإدارة والقيادة، لا يُعد اختيار القيادات أمرًا شكليًا أو إداريًا فحسب، بل هو قرار مصيري يحدد مستقبل المؤسسة، ويؤثر بشكل مباشر على أدائها وشعبيتها واستقرارها التنظيمي. فكم من مؤسسة دفعت ثمناً باهظًا لاختيارها شخصًا غير مناسب في موقع القيادة، سواء على مستوى إداري أو تنفيذي؟

الخطأ الذي يكلف كثيرًا

اختيار الأشخاص الخطأ في مواقع المسؤولية قد يؤدي إلى سلسلة من التداعيات السلبية، أبرزها:

فقدان الثقة الشعبية أو الجماهيرية إذا كانت المؤسسة مرتبطة بالرأي العام.

اهتزاز الاستقرار التنظيمي الداخلي بسبب ضعف القيادة وغياب الرؤية.

إهدار الوقت والموارد نتيجة غياب الخطط والاستراتيجيات.

تآكل الكفاءات بسبب غياب بيئة التطوير والتمكين.

ارتفاع معدلات الاستقالات أو التسرب المؤسسي من الكفاءات الجيدة.


القيادة غير المؤهلة: أزمة لا تُغتفر

الشخص غير المناسب غالبًا ما يتصف بعدة صفات تهدم المؤسسة من الداخل، مثل:

الفردية والبحث عن المصلحة الذاتية على حساب الصالح العام.

عدم القدرة على بناء صف ثانٍ من الكوادر المؤهلة لتحمل المسؤولية مستقبلًا.

غياب أي برامج تطوير أو استثمار في البشر.

التردد وضعف اتخاذ القرار، مما يخلق بيئة مرتبكة وفاقدة للثقة.


أنماط الشخصيات الإدارية المُدمّرة

من الضروري الإشارة إلى وجود أنماط شخصية محددة قد تكون مسؤولة بشكل مباشر عن هذا التدهور، ومن أبرزها:

١-الشخصية الميكافيلية 

شخصية تتسم بالدهاء والتلاعب، تسعى إلى تحقيق أهدافها الخاصة ولو على حساب القيم أو المبادئ. لا تهتم بالمصلحة العامة، ولا تبني، بل تهدم كل من يهدد سلطتها.

٢-الشخصية النرجسية
لا ترى إلا ذاتها، تعيش على المديح والإنجازات الشخصية، ولا تتحمل النقد، وغالبًا ما تفشل في قيادة فرق العمل أو تقبل وجود من هو أكفأ منها.

٣-الشخصية السلطوية 
تحكم بالترهيب لا بالحكمة، ترفض المشاركة، وتقتل الإبداع داخل المؤسسة.


القيادة الناجحة تصنع الأجيال

في المقابل، القائد الحقيقي هو من:

يؤمن بفكرة التفويض والتمكين، يبني نظامًا يظل فاعلًا حتى بعد رحيله.

يضع خططًا واضحة لتأهيل جيل جديد من القيادات، يتبنى ثقافة تطوير الأداء لا تثبيت الواقع، ويوازن بين الصرامة والمرونة في اتخاذ القرار.

وفي النهاية ، إن المؤسسات لا تنهار فجأة بل تبدأ رحلة سقوطها منذ اللحظة التي توضع فيها الثقة في الشخص الخطأ. لذا، فإن أولى خطوات الإصلاح تبدأ من إحسان الاختيار، لأن القيادة ليست لقبًا، بل مسؤولية والكرسي ليس غاية بل وسيلة لخدمة الناس والمؤسسة والوطن.