اعتمد تسليح القوات المسلحة المصرية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مقاليد الحكم، على خطة تطوير شاملة ضمت كافة أفرع وأسلحة القوات المسلحة المصرية، وتنوعت مصادر التسليح الجديدة، بالإضافة لعلاقات الشراكة مع كبرى الدول في مجال التصنيع العسكري، وفي القلب من عملية التحديث، إعادة بناء القوات البحرية، بتنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث القوات البحرية ودعم قدراتها على مواجهة التحديات والمخاطر الحالية في المنطقة.
واعتمد تحديث القوات البحرية بعد 30 يونيو في هيكله على إدخال لقطع بحرية متقدمة للغاية، بل دخل بعضها للخدمة في الجيش المصري للمرة الأولى في تاريخه، مثل حامتا المروحيات، التي من طراز ميسترال، وهما "جمال عبد الناصر" و"أنور السادات"، هاتان الحاملتان ليستا حاملتي طائرات بالمعنى التقليدي، بل هما قادرتان على حمل وإطلاق طائرات هليكوبتر ومروحيات هجومية، ذلك بجانب الفرقاطات والكورفيتات، وشراء 4 غواصات من ألمانيا، ما أحدث تغييرا شاملا في القوات البحرية، وفتح أفاقا أوسع في توطين الصناعات العسكرية في مصر.

  

 

 

مصر واحدة من 11 دولة فقط في العالم تملك حاملات مروحيات


تغيرت دفة المسترال إلى مصر بدلا من روسيا، حيث صنعتهم فرنسا خصيصا للتصدير إلى روسيا، لكنها علقت عملية التسليم على خلفية الهجوم الرويس على شبه جزيرة القرم، فلعبت العلاقات المصرية الفرنسية آنذاك دورا مهما في حصول مصر على القطعتين، كما أن روسيا أيضا باركت الصفقة نظرا للعلاقات بين البلدين.


وقعت مصر العقود مع الجانب الفرنسي في 10 أكتوبر 2015، وتسلمت مصر الميسترال الأولى "جمال عبد الناصر" في 23 يونيو 2016، والثانية "أنور السادات" في 16 سبتمبر 2016.


حاملتا المروحيات فئة ميسترال، تخدم فقط في الجيش المصري والجيش الفرنسي، ما يضيف ميزات فريدة وقدرات فائقة للقوات البحرية المصرية، لذلك كان تحديث القوات البحرية هو الأبرز في القوات المسلحة المصرية بعد 30 يونيو.


امتلاك مصر الميسترال جعلها واحدة من 11 دولة فقط على مستوى العالم تملك هذا النوع من سفن الهجوم البرمائي.


وتتقدم مصر على البرازيل وتركيا وإسبانيا وتايلاند في عدد الوحدات العاملة في الجيش من حاملات المروحيات، كما لا تملك أي دولة عربية أو إفريقية حاملة مروحيات إلا مصر.

 


عبد الناصر والسادات.. قدرات فائقة في أعالي البحار


تُمثّل الميسترال نقلة نوعية غير مسبوقة للبحرية المصرية، لتصبح البحرية المصرية الوحيدة في المنطقة التي تملك قدرات تنفيذ العمليات البرمائية بشكل موسع في أي مكان في الإقليم، من هجوم وإنزال للقوات البرية والقوات الخاصة، بواسطة حاملتي المروحيات " جمال عبد الناصر " و" أنور السادات " طراز ميسترال، وذلك بجانب تركيا التي تملك حاملتها الأناضول المبنية على الحاملة الإسبانية خوان كارلوس. 


حاملة المروحيات السادات وعبد الناصر، لهما قدرات فائقة تمكنهما من العمل في نطاق سواحل الدولة والوصول إلى أعالي البحار والمحيطات، وتنفيذ العمليات البرمائية، وتتميز بقدرتها على حمل 700 جندي و16 مروحية و50 مركبة مدرعة، ولهذه القدرات الفائقة أصبحت حاملات الطائرات هي الرأس الحربة في القوات البحرية.

 
 

الفرقاطات والكورفيتات.. قفزات في توطين الصناعة العسكرية


تعتبر الفرقاطات والكورفيتات هي القوام الرئيسي للقوات البحرية، بما تمثله الكورفيتات في قدراتها الهجومية، وسرعتها في المناورة، بجانب تجهيزها بمنصات لإطلاق الصواريخ المضادة للسفن، واستخدامها في مهام ضد الغواصات، ورغم كل تلك القدرات والمزايا المهمة للفرقاطات، لكن الخطوة المصرية كانت أوسع وأبعد من ذلك بكثير، إذ كانت تهدف إلى توطين الصناعات العسكرية في مجال الفرقاطات في مصر بعد 3 يونيو.


بعد 30 يونيو وقعت مصر شراكة مع فرنسا، لبناء 4 فرقاطات بمواصفات خاصة لصالح القوات البحرية المصرية، على أن يتم تصنيع 3 منها داخل مصر في أحد موانئ الإسكندرية ليتم نقل تكنولوجيا تصنيعها إلى المهندسين المصريين، وهي خطوة جعلت مصر وحدة من دول معدودة تُصنع الكورفيتات محليا.


وفي 7 سبتمبر 2018 انتهت شركة ترسانة الإسكندرية من بناء أول طراد يصنع في مصر من طراز جويند وأطلق عليه اسم "بورسعيد"، والثاني في 2019، وحمل اسم المعز، بينما انتهت ترسانة الإسكندرية من بناء ثالث طراد وأطلق عليه اسم "الأقصر".


"الفاتح" هو الطراد الأول الذي استلمته مصر من فرنسا في 2017، ليفتح آفاقا جديدة في التصنيع العسكري المحلي، لتبدأ ترسانة الإسكندرية بعد ذلك في تصنيع 3 فرقاطات مخصصة للقوات البحرية المصرية كان أولها فرقاطة حملت اسم "بورسعيد"، بعد ذلك تم تصنيع اثنين هما "المعز- الأقصر".


هذه الفرقاطات الشبحية لها قدرات فائقة ومتعددة المهام، حيث يمكنها تتبع ٥٠٠ هدف في وقت واحد، ومجهزة بأنظمة رادار وصواريخ متطورة، وتم بنائها داخل شركة ترسانة الإسكندرية البحرية بأيادٍ مصرية وبالتعاون التقني مع الجانب الفرنسي.


كما أن الفرقاطات ميكو A200، التي استلمتها مصر من ألمانيا، مجهزة بأحدث التسليح، مثل 16 صاروخ سطح–سطح RBS15 Mk3 بمدى 200 كم، و32 خلية إطلاق رأسي لصواريخ ميكا NG للدفاع الجوي بمدى 40 كم، ومدفع أوتو ميلارا 127 مم قادر على إطلاق قذائف فولكانو بمدى يصل إلى 100 كم، وطوربيدات MU90 بمدى 23 كم.


شباب مصر وأحمد فاضل.. صداقات وتعاون عسكري


أما الفرقاطة بوهانج، والتي أطلقت عليها مصر اسم "شباب مصر"، فقد حصلت عليها البحرية المصرية كهدية عام 2017، في إطار دعم العلاقات العسكرية بين البلدين.


وبالمثل، أهدت روسيا زورق صواريخ للقوات البحرية زورق صواريخ "مولنيا"، وأطلقت عليه مصر "أحمد فاضل RKA 32" وكان ذلك في أغسطس 2016 في إطار التعاون العسكري المصري الروسي.


مثلت السفينة إضافة قوية للقدرات البحرية المصرية، وحملت اسم الفريق «أحمد فاضل»، الرئيس السابق لهيئة قناة السويس، تكريمًا لإنجازاته وإسهاماته الكبيرة في تطوير الهيئة.

ويُعد الفريق أحمد علي فاضل واحدًا من أبرز القادة العسكريين في العصر الحديث، وصاحب مسيرة حافلة بالإنجازات، حيث شغل منصب قائد القوات البحرية المصرية ثم الرئيس الخامس لهيئة قناة السويس منذ تأميمها، وتقلّد عدة مناصب قيادية منها قائد لواء مدمرات، ملحق حربي باليونان، وقائد قاعدة قناة السويس البحرية، كما تولى منصب رئيس شعبة العمليات البحرية، ثم رئيس أركان القوات البحرية، وصولًا إلى قيادتها.


بهذا تُجسّد السفينة «أحمد فاضل» ليس فقط إضافة نوعية للأسطول المصري، بل أيضًا رمزًا لتاريخ قائد عسكري ترك بصمة كبيرة في تطوير الملاحة البحرية بمصر، وتُعد السفينة «أحمد فاضل» أكبر وحدة متعددة الأغراض والإمدادات في الشرق الأوسط.


ويتنوع مدى وتسليح الفرقاطات والكورفيتات حسب الاستخدام، حيث تتميز الجلالة بأنظمة تسليح صاروخ دفاع جوي، بينما الأقصر مسلحة بـ مدفع 76مم، 16 صاروخ، وطوربيدات، وتسلح المعز بـ مدفع 76مم، فيما تسلح ميكو بـ مدفع 127مم، 32 ميكا، و16 صاروخ

 

 
خريطة القوة البحرية المصرية: كيف تتفوق كل فرقاطة؟

وبهذا أصبحت القوات البحرية المصرية من أكبر وأقوى القوات البحرية في المنطقة بفضل امتلاكها مجموعة متنوعة من الفرقاطات الحديثة التي تمثل العمود الفقري للأسطول البحري المصري، وتُستخدم لحماية الحدود والسواحل وتأمين حقول الغاز والثروات الطبيعية في البحرين الأحمر والمتوسط.

كما أن الفرقاطة فريم أكتين التي تحمل اسم "تحيا مصر" صُممت لتنفذ مهام متعددة: مكافحة الغواصات، الدفاع الجوي، الهجوم ضد الأهداف السطحية، القيادة والسيطرة، والحرب الإلكترونية.

أما الفرقاطة الألمانية ميكو A200 واحدة من أهم القطع في الأسطول المصري، حيث تجمع بين صعوبة اكتشافها بفضل تصميمها الشبحي، وقدرتها على التسلل وتنفيذ ضربات دقيقة، إضافة إلى تسليح قوي ورادارات وأنظمة إلكترونية متقدمة تجعلها من أقوى فرقاطات المنطقة.

تُعزز هذه التشكيلة من قدرة مصر على حماية حدودها ومصالحها الاستراتيجية وتأمين قناة السويس وحقول الغاز البحرية ضد أي تهديد.
 
الغواصات

وقعت مصر مع ألمانيا عقود شراء 4 غواصات، واستلمت أولى الغواصات من طراز"209/1400" ألمانية الصنع في 12 ديسمبر 2016، وتمتلك الغواصات قدرات هائلة، وتعتبر أنجح الغواصات التقليدية تاريخيا، ومسلحة بتوربيدات وصواريخ هجومية.
 

شراكات دفاعية متعددة


في إطار خطة تحديث الأسطول البحري بعد ثورة 30 يونيو، اتجهت مصر لتوسيع شراكاتها الدفاعية مع عدد من القوى العالمية الكبرى، لتعزيز قدراتها في البحرين الأحمر والمتوسط.


وفقًا لإحصاءات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بعد 2014 أصبحت مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم.


وحسب تحليل المعهد، كانت الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للأسلحة إلى مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد وحتى عام 2010، وحازت على 75% من واردات الأسلحة لمصر، لكن بعد ثورة يونيو، اتجهت مصر لتنويع مصادر سلاحها، مع شركاء استراتيجيين آخرين.


وتُظهر بيانات واردات الأسلحة المصرية خاصة الأسلحة البحرية، اتجاه مصر نحو ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا، حيث طورت مصر علاقتها العسكرية والتجارية معهم لتحصل على معدات بحرية متقدمة للغاية.


وتصدّرت ألمانيا قائمة الدول المورّدة لمصر في مجال التسليح البحري، حيث زودت القاهرة بـ 32 من القطع البحرية الحديثة للجيش المصري، ما يعكس قوة التعاون الصناعي والتكنولوجي بين البلدين.


وجاءت إيطاليا في المرتبة الثانية بـ 27 % من القطع البحرية، بينما قدمت فرنسا نحو 19 % من القطعة البحرية شملت فرقاطات متطورة وأنظمة قتالية حديثة.


وزودت روسيا مصر بـ 22% القطع البحرية أغلبها مروحيات لحاملتي الطائرات، لتبقى ضمن الشركاء الاستراتيجيين الرئيسيين في ملف التسليح البحري.


ويعكس هذا التنوع في مصادر السلاح البحري المصري حرص القاهرة على بناء أسطول متكامل ومتوازن، يجمع بين أحدث التكنولوجيا الغربية والخبرة الروسية، بهدف تأمين السواحل وحماية المصالح الاقتصادية الاستراتيجية.

 

وشهدت مصر خلال العقد الأخير تباينًا ملحوظًا في حجم إنفاقها العسكري، مع تركيز ملحوظ على تحديث القوات البحرية بعد ثورة 30 يونيو، حيث يعد الإنفاق البحري 20% من إجمالي الانفاق العسكري.


في عام 2014 بلغ حجم الإنفاق العسكري حوالي 5.085 مليار دولار، وواصل الارتفاع في 2015 ليصل إلى 5.476 مليار دولار، قبل أن يتراجع بشكل ملحوظ في 2016 إلى 4.513 مليار دولار ثم يسجل أكبر انخفاض له في 2017 عند 2.766 مليار دولار.


بدأ الإنفاق في الارتفاع مجددًا خلال 2018 ليصل إلى 3.12 مليار دولار، وزاد في 2019 إلى 3.744 مليار دولار، ثم قفز في 2020 ليبلغ 4.505 مليار دولار، قبل أن يسجل أعلى مستوى له في السنوات الأخيرة خلال 2021 بقيمة 5.165 مليار دولار.

 

 
القواعد البحرية


ولخدمة تمركزات وإدارة عمل الأسطولين "الجنوبي - والشمالي"، تم إنشاء عدد من القواعد الجديدة كـ "3 يوليو - وشرق بورسعيد"، كذلك تطوير عدد من القواعد والموانئ البحرية على رأسها "قاعدة برنيس الجو بحرية" العسكرية، وتزويد القواعد بجميع الاحتياجات الإدارية والفنية وأنظمة القيادة والسيطرة ومنظومات التعاون مع مختلف القوات العسكرية والأجهزة المدنية فى نطاقات العمل بالبحرين الأبيض والأحمر.


قاعدة 3 يوليو البحرية بمنطقة جرجوب:


 تعد قاعدة ٣ يوليو من أحدث وأكبر القواعد البحرية حيث تقام على مساحة ١٠ مليون م² على البحر المتوسط، وتقع في منطقة جرجوب على الساحل الشمالي الغربي لمصر عند بلدة النجيلة على مسافة ٧٠ كم غرب مرسى مطروح وتبعد عن ليبيا ١٤٠ كم وتعتبر إضافة لمصر على الاتجاه الاستراتيجي الغربي للبحر المتوسط، وبها رصيف حربي بطول ١٠٠٠ متر وعمق ١٤ متر.


وتضم القاعدة ٤٧ قطعة بحرية هم ٢ فرقاطة من طراز فريم، وفرقاطة من طراز جوويند، وغواصة طراز ٢٠٩، و١٠ لنش مرور ساحلي بعيد المدى، و٤ لنش مرور ساحلي ٢٨ متر، و٢٨ راب قتالي مدرع وقاطرة إنقاذ.


قاعدة شرق بورسعيد 


تبلغ مساحة القاعدة قرابة (1800) متر منها أرصفة مطلة على البحر الأبيض المتوسط ورصيف داخل قناة السويس.


تطوير قاعدة برنيس الجو – بحرية:


في ١٥ يناير ٢٠٢٠، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي قاعدة برنيس الجو- بحرية بجنوب مصر على البحر الأحمر، لحماية وتأمين السواحل المصرية الجنوبية، ومن أبرز مهامها حماية الاستثمارات الاقتصادية والثروات الطبيعية، ومواجهة التحديات الأمنية وتأمين حركة الملاحة العالمية بالبحر الأحمر.


وتعد الأكبر على البحر الأحمر، وتُصنف عسكريًا بأنها غير نمطية، لكونها تتضمن قاعدة بحرية وأخرى جوية ومستشفى عسكريًا وعددًا من الوحدات القتالية، وتعد إحدى القلاع العسكرية ذات القوة الضاربة في البر والبحر والجو، لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية.


وتضم عدد من دشم الطائرات ذات التحصين العالي، ورصيف حربي بطول ألف متر وعمق ١٤ مترًا، يسمح بمتطلبات الوحدات البحرية ذات الغاطس الكبير، مثل حاملات المروحيات من طراز ميسترال والفرقاطات والغواصات.