في زمن تنتشر فيه الأخبار بسرعة البرق، وتنتقل المقاطع المصورة من هاتف إلى آخر خلال ثوانٍ، تبقى الحقيقة هي الضحية الأولى في كثير من الأحيان.

لكن دعونا نسأل:

هل الإمارات أرسلت فعلًا مساعدات طبية لإسرائيل؟

وما قصة الفيديو الذي يظهر طائرة تحمل علمي الإمارات وإسرائيل معًا؟

وهل ما نراه هو ما حدث فعلاً… أم مجرد صورة من الماضي أُعيد استخدامها لغاية أخرى؟


الفيديو الذي أشعل الجدل


خلال الأيام الماضية، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر طائرة وعلى متنها علم الإمارات بجانب علم إسرائيل، وسط تعليقات تزعم أن هذه الطائرة كانت تنقل مساعدات إماراتية إلى إسرائيل في الوقت الحالي.


المشهد أثار حالة من الغضب والبلبلة… لكن الحقيقة، كما يكشفها التتبع الدقيق، مختلفة تمامًا.


الحقيقة الكاملة: الفيديو قديم ومناسبته دبلوماسية


بعد مراجعة مصادر الفيديو، تبين أن المقطع نُشر لأول مرة عام 2021 عبر حسابات على فيسبوك وتويتر، كان أبرزها حساب الناشط الإسرائيلي “هانيّـا نفتالي”، الذي علق حينها قائلًا:


“العلمان الإسرائيلي والإماراتي يرفرفان سويًا في أبوظبي… حلمنا بالسلام، وصنعناه.”


الفيديو كان جزءًا من احتفالات رمزية باتفاق السلام الذي وقعته الإمارات مع إسرائيل في سبتمبر 2020 ضمن ما عُرف بـ”اتفاقيات إبراهيم”، ولم يكن له أي علاقة بمساعدات طبية أو إنسانية.


فهل هناك خلط في الأمور؟


الارتباك ربما جاء بسبب إعلان الإمارات في مايو 2025 عن اتفاق مع إسرائيل لإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة. هذه المساعدات تمر عبر معابر تسيطر عليها إسرائيل، ما دفع البعض -عن قصد أو عن جهل- إلى الربط الخاطئ بين الخبر الحالي والفيديو القديم.


لكن فرق كبير بين إرسال مساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، وبين إرسالها إلى إسرائيل نفسها.


لماذا نصدق كل ما نراه؟


من هنا، تبرز أسئلة أكثر أهمية:

•لماذا نصدق كل ما نراه على مواقع التواصل دون تحقق؟

•ومن المستفيد من خلط الأوراق ونشر مقاطع قديمة على أنها حديثة؟

•ولماذا لا نسأل قبل أن نشارك؟


الإعلام مسؤولية… والتحقق واجب


في زمن الصورة والفيديو، لا تكفي المشاهد لإثبات الحقيقة. بل على العكس، قد تكون أدوات في يد من يريد توجيه الرأي العام حيث يشاء.


الوعي هو خط الدفاع الأول، والتأكد من مصدر الخبر أصبح واجبًا على كل شخص، لا مجرد مهمة الصحفي.



في كل مرة تشاهد فيها فيديو مثيرًا للجدل… اسأل نفسك أولًا:

هل هذه الصورة من اليوم؟ أم من التاريخ؟