لم يكن كولين كايبرنيك، لاعب كرة القدم الأمريكية السابق، مجرد رياضي موهوب، بل أصبح رمزًا للاحتجاج السياسي في الولايات المتحدة، بدأت رحلته في عالم الشهرة كقائد لفريق سان فرانسيسكو 49ers، لكن سرعان ما تحولت مسيرته المهنية إلى قضية وطنية بسبب موقفه الجريء ضد الظلم العنصري ووحشية الشرطة.

وُلد كايبرنيك في عام 1987، ونشأ في كاليفورنيا، وظهرت موهبته في كرة القدم منذ الصغر، التحق بجامعة نيفادا، حيث حقق أرقامًا قياسية وأداءً مبهرًا جعله محط أنظار الفرق المحترفة، في عام 2011، اختاره فريق سان فرانسيسكو في مسودة الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية (NFL).. وسريعًا ما أثبت كفاءته، وقاد الفريق إلى نهائي "السوبر بول" في موسم 2012، ليصبح واحدًا من أفضل اللاعبين في مركزه.

كانت مسيرة كايبرنيك تسير على المسار الصحيح؛ لكن في عام 2016، تغير كل شيء.

في أغسطس 2016، خلال مباراة استعراضية، جلس كايبرنيك أثناء عزف النشيد الوطني الأمريكي، وعندما سُئل عن سبب تصرفه، أوضح أنه يرفض الوقوف احترامًا لعلم بلاد "تضطهد الأشخاص الملونين".

هذا الموقف كان بداية سلسلة من الاحتجاجات، حيث قرر كايبرنيك لاحقًا أن يركع على ركبة واحدة أثناء عزف النشيد، وهي لفتة سرعان ما تبناها لاعبون آخرون تضامنًا معه.

أشعل احتجاج كايبرنيك جدلًا واسعًا في جميع أنحاء البلاد، اعتبره مؤيدوه بطلًا ومناضلًا من أجل العدالة الاجتماعية، بينما اتهمه معارضوه بعدم احترام العلم والجيش، أثار تصرفه غضب العديد من المسؤولين، بما في ذلك الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، الذي دعا إلى طرد اللاعبين المحتجين.

بحلول نهاية موسم 2016، أصبح كايبرنيك لاعبًا حرًا، أي أنه لم يعد مرتبطًا بعقد مع أي فريق.

وعلى الرغم من أنه كان في قمة مستواه، إلا أنه لم يجد أي فريق يرغب في التوقيع معه، اعتبر الكثيرون أن هذا "مقاطعة" منظمة من قبل فرق الدوري بسبب مواقفه السياسية.

وعلى الرغم من محاولاته للعودة للعب، إلا أن مسيرته انتهت فعليًا.

في عام 2017، رفع كايبرنيك دعوى قضائية ضد الدوري، متهمًا إياه بالتآمر لمنعه من اللعب، وتمت تسوية القضية في عام 2019 خارج المحكمة، وعلى الرغم من ابتعاده عن الملاعب، استمر كايبرنيك في نشاطه الحقوقي، حيث أطلق مؤسسة لمساعدة المجتمعات المهمشة، وأصبح صوتًا بارزًا في حركة "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter).

قصة كولين كايبرنيك ليست مجرد قصة لاعب كرة قدم، بل هي قصة صراع بين الرياضة والسياسة، وقصة إنسان قرر التضحية بمسيرته المهنية من أجل ما يؤمن به، ليصبح رمزًا عالميًا للعدالة والمقاومة.