أكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الأزمات الإقليمية المحيطة بمصر تستنزف جزءًا كبيرًا من مجهود الدولة وأجهزتها، مشيرًا إلى أن هذه التطورات تضغط بشكل مباشر على السياسة الخارجية المصرية وتؤثر على جهود التنمية الداخلية.

 

 

وأوضح بيومي في تصريحات خاصة لـ"خمسة سياسة"، أن السودان كان في الماضي جزءًا من المملكة المصرية، لكن انفصاله جاء نتيجة الولاءات القبلية التي تسيطر على إفريقيا، مشددًا على أن انقسام السودان إلى دولتين ثم دخولهما في حروب أهلية داخلية يمثل تحديًا خطيرًا، خاصة وأنه دولة وادي نيل.

 

 وأضاف أن ليبيا بدورها تعاني من انقسام حاد بين أطراف تتصارع على النفط والأموال، بينما تشهد سوريا وجود خمس جيوش أجنبية على أراضيها، ويعاني لبنان من هيمنة "حزب الله" الذي صنع دولة داخل الدولة، فيما تفتعل حركة حماس صراعات عسكرية في فلسطين رغم وجود مفاوضات، وهو ما يزيد من اشتعال المنطقة ويستنزف قدرات مصر التنموية وجهد وزارة الخارجية بل والرئيس نفسه.

 

وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن مصر ما زالت أفضل حالًا من غيرها، لافتًا إلى أن اقتصاديات معظم دول العالم تنمو بالسالب بينما تحافظ مصر على معدل نمو إيجابي، رغم الضغط السكاني الكبير الناتج عن زيادة 27 مليون نسمة خلال سنوات قليلة. وأضاف أن هذا يمثل عبئًا على الدولة، بجانب الحاجة لجذب الاستثمارات الخارجية لتغطية المشروعات القومية، مؤكدًا أن على الرأي العام أن يدرك أن الاستثمارات الأجنبية ضرورية ولا تمثل تفريطًا في الأراضي المصرية.

 

 

وحول الملفات الإقليمية الأكثر خطورة، قال بيومي إن القضية الفلسطينية تظل الأخطر بسبب أطماع إسرائيل في سيناء، مؤكدًا ضرورة تعمير سيناء وزيادة الكثافة السكانية بها لقطع الطريق أمام هذه الأطماع. واعتبر أن السودان أيضًا ملف ملح، خاصة مع وجود نحو خمسة ملايين سوداني في مصر حاليًا.

 

وأكد أن التحرك الدبلوماسي المصري في هذه الملفات يسير في المسار الصحيح بنسبة "1000%"، مشددًا على أن مصر تنتهج سياسة واقعية منذ السادات الذي أدرك مبكرًا أن الحرب المباشرة مع إسرائيل تعني مواجهة الولايات المتحدة. وأضاف أن "آخر ما يجب التفكير فيه هو الحرب، لأنها ستجر مصر إلى مواجهة مع أمريكا بكل قوتها".

 

وبخصوص سد النهضة، قال بيومي: "لست في حاجة لأن أتحرك دبلوماسيًا أو عسكريًا في هذا الملف، لأن الطبيعة نفسها تقف إلى جانب مصر. السد مقام لتوليد الكهرباء، ولن يستطيع الإثيوبيون استخدامه للري لغياب البنية التحتية اللازمة، كما أن موقعه في شمال إثيوبيا يجعل من المستحيل إعادة المياه للجنوب. وإن حدث – لا قدر الله – أن نقص متر مكعب واحد من المياه في مصر، سيكون لكل حادث حديث".

 

وأشار إلى أن مصر نجحت في الحفاظ على توازن علاقاتها الدولية رغم كل الأزمات، مؤكدًا أن القاهرة تعد العاصمة الأكثر استضافة للسفارات الأجنبية، وأن كثيرًا من الدول ندمت على مخالفة سياستها الخارجية واضطرت لاحقًا للعودة إلى التعاون معها.

 

وختم مساعد وزير الخارجية الأسبق تصريحاته بالتأكيد على أن مصر من بين الدول القليلة في المنطقة التي "ما زالت واقفة على قدميها"، مضيفًا: "مصر والسعودية والإمارات من الدول التي حافظت على تماسكها، ومصر تحديدًا هي أنجح دولة عربية في إدارة ملفاتها الخارجية".