لطالما كانت القضايا السياسية محور جدل في عالم الرياضة، لكن قليلين من اللاعبين يملكون الجرأة لكسر حاجز الصمت والوقوف علنًا إلى جانب قضية حساسة مثل القضية الفلسطينية، يبرز أسم النجم الفرنسي كريم بنزيمة، مهاجم نادي الاتحاد السعودي، كأحد هؤلاء اللاعبين الذين نقلوا موقفهم من التضامن الإنساني إلى مواجهة علنية مع الانتقادات السياسية، موقف بنزيمة الأخير لم يكن مجرد تغريدة عابرة، بل كان بمثابة إعلان واضح عن قناعته، مما أثار عاصفة من ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض.
بدأ الأمر بتغريدة بسيطة على منصة "إكس" بعد تصاعد التوترات في قطاع غزة.. كتب بنزيما: "كل صلواتنا لأهالي غزة الذين أصبحوا مرة أخرى ضحايا للقصف الظالم الذي لا يستثني النساء ولا الأطفال." . لم تمر هذه الكلمات مرور الكرام، بل أشعلت فتيلًا من الجدل في فرنسا، موطن بنزيما.
تغريدة بنزيما لم تكن مجرد تعبير عن تضامن عام، بل كانت موقفًا سياسيًا واضحًا وصريحًا في وقت كانت فيه معظم الأصوات الرياضية والسياسية في أوروبا تلتزم الصمت أو تتبنى مواقف متحفظة، هذا الموقف الجريء كلفه الكثير، حيث واجه انتقادات حادة من شخصيات سياسية فرنسية بارزة.
في رد فعل غير مسبوق، اتهم وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، بنزيما بالارتباط بـ"الإخوان المسلمين".. هذا الاتهام، الذي جاء دون تقديم أي دليل، أثار صدمة واسعة، ورغم أن النيابة العامة الفرنسية رفضت لاحقًا فتح تحقيق في القضية لعدم وجود أدلة، إلا أن الاتهام نفسه كان بمثابة هجوم مباشر على اللاعب وسمعته.
رد بنزيما جاء عبر محاميه، الذي نفى بشدة هذه الاتهامات، مؤكدًا أن اللاعب لم تكن لديه أي نية سوى التعبير عن تضامنه الإنساني مع الضحايا.. كما أوضح المحامي أن بنزيمة، الذي ينتمي إلى عائلة مسلمة، لا يتبنى أي أيديولوجية سياسية أو دينية متطرفة.
قضية بنزيمة مع السلطات الفرنسية ليست الأولى، فقد سبق له أن واجه مواقف مماثلة بسبب مواقفه وبعض تصريحاته السابقة؛ لكن ما يميز هذه الأزمة الأخيرة هو أنها كشفت بوضوح عن حساسية القضايا السياسية في المجتمعات الغربية، وكيف يمكن أن تتحول تصريحات بسيطة للاعب كرة قدم إلى قضية رأي عام ومواجهة سياسية.
بالنسبة للكثيرين في العالم العربي والإسلامي، أصبح بنزيما رمزًا للتضامن مع القضية الفلسطينية، لقد تحول اللاعب من مجرد مهاجم بارع إلى شخصية مؤثرة تتجاوز حدود الملعب، وهو ما يمنحه مكانة خاصة في قلوب الملايين.