تُعد حرب يونيو 1967، المعروفة عربيًا بـ"النكسة"، واحدة من أكثر اللحظات حسمًا وتأثيرًا في التاريخ العربي الحديث، حيث مثّلت الحرب الثالثة بين الدول العربية وإسرائيل، وأسفرت عن تحولات جذرية في مسار الصراع العربي الإسرائيلي.

في غضون أيام معدودة، تكبدت الجيوش العربية خسائر جسيمة، تمثلت في تدمير نحو 80% من العتاد العسكري، واستشهاد ما يزيد على 25 ألف جندي عربي. وعلى المستوى الجغرافي، احتلت إسرائيل كامل شبه جزيرة سيناء، إضافة إلى الجولان السوري، والضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية، ما مثّل ضربة قاسية لمشروع الدولة الفلسطينية وفتح الباب أمام التوسع الاستيطاني.

كما أدت الحرب إلى تهجير واسع في مدن القناة المصرية، وأُغلقت قناة السويس، مما عمّق الأثر الاقتصادي والسياسي للهزيمة على مصر والمنطقة بأكملها.

ورغم قسوة النكسة، لم تستسلم الشعوب. ففي مصر، خرج الملايين إلى الشوارع عقب خطاب التنحي الشهير للرئيس جمال عبد الناصر، رافضين استقالته، في مشهد أظهر تمسك الأمة بقيادتها وعزيمتها على تجاوز الهزيمة.

وشكّل مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، في أغسطس 1967، لحظة فاصلة، حيث أعلن الزعماء العرب "اللاءات الثلاث": لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض مع إسرائيل، لتصبح تلك العبارة عنوان مرحلة المقاومة والإعداد للثأر.

ومن رحم الهزيمة، انطلقت إرادة النصر. فبعد ست سنوات فقط، وفي 6 أكتوبر 1973، استطاعت القوات المصرية والسورية أن تعبر خطوط العدو وتحرر جزءًا من الأراضي المحتلة، في ملحمة أعادت للأمة العربية كرامتها، وأثبتت أن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.