يمتلك دونالد ترامب علاقة استثنائية وعميقة الجذور بعالم الرياضة، فهي ليست مجرد هواية بالنسبة له، بل كانت دائمًا أداة للأعمال، وساحة للاشتباك السياسي، ومنصة للحضور الجماهيري، فمنذ كونه رجل أعمال ومُلاك لأندية في دوري كرة القدم الأمريكية في الثمانينيات، وحتى ظهوره المتكرر في كبرى الأحداث الرياضية كرئيس للولايات المتحدة، تحول الرياضي الأمريكي تحت إدارته إلى ملف مشحون سياسيًا.
إن أقوى ارتباط شخصي لترامب بالرياضة هو لعبة الجولف، يصفه البعض بأنه "يحب الجولف أكثر من المال".. يمتلك ترامب شبكة عالمية من ملاعب الجولف تحمل أسمه، وقد وظّف هذه الملاعب لاستضافة بطولات كبرى، مما يربط علامته التجارية الفردية بالاحتراف الرياضي.. هذا الاستثمار يمثل الجانب التجاري والترفيهي من علاقته بالرياضة، وقد استخدمها أيضاً كمنصة للقاء شخصيات سياسية وعامة، مثل رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي.
في المقابل، تتسم علاقته بالدوريات الرياضية الاحترافية الكبرى، وتحديداً دوري كرة القدم الأمريكية ودوري السلة بالتوتر والعداء المعلن.. هذا التوتر له تاريخ قديم يعود إلى محاولاته الفاشلة لشراء فريق في NFL في الثمانينات.
خلال ولايته الرئاسية الأولى، تحول هذا التوتر إلى صراع مفتوح.. انتقد ترامب بشدة اللاعبين الذين قاموا بـ احتجاجات الركوع أثناء عزف النشيد الوطني، واصفاً إياهم بالخيانة الوطنية، ودعا إلى مقاطعة الدوري.. هذا الموقف لم يكن مجرد رأي شخصي، بل تحول إلى سياسة شعبوية استغلت الانقسامات الثقافية في البلاد، مما أدخل السياسة بشكل مباشر وعلني إلى غرف تبديل الملابس والمدرجات.. ولهذا السبب، مال ترامب أكثر نحو حضور الألعاب الرياضية الجامعية، حيث وجد استقبالاً أكثر ترحيبًا وتأييدًا.
الأثر الأكبر لترامب على الرياضة العالمية يبرز في ظل استضافة الولايات المتحدة لأحداث ضخمة في المستقبل القريب، مثل كأس العالم لكرة القدم 2026 والألعاب الأولمبية الصيفية 2028.
سياسات ترامب المتشددة حول الهجرة، بما في ذلك التهديد بالترحيل الجماعي واستكمال الجدار الحدودي، تثير مخاوف جدية بشأن التوترات الدبلوماسية مع الشريك المضيف لكأس العالم، المكسيك، وقد تؤثر على سفر المشجعين من حول العالم.
سياساته بشأن قضايا الهوية الجندرية، مثل الأمر التنفيذي الذي يقيد مشاركة الرياضيين المتحولين جنسيًا في المنافسات النسائية، تضع الرياضة في قلب صراعات ثقافية عميقة، وقد تؤثر على رسائل الشمولية التي عادة ما ترفعها البطولات الكبرى.
باختصار، يظل ترامب شخصية مركزية في تقاطع الرياضة والسياسة الأمريكية.. فهو يرى في الرياضة أداة قوية للتأثير الإعلامي والسياسي، سواء من خلال استغلال عداواته مع الدوريات المحترفة لجذب المؤيدين، أو من خلال تأثير سياساته على تنظيم أكبر الفعاليات الرياضية العالمية.. إن وجوده يضمن أن الرياضة الأمريكية لن تكون أبدًا مجرد لعبة، بل جزءًا لا يتجزأ من السجال الوطني والجيوسياسي.