رغم تحقيقها مجموعًا عاليًا وصل إلى 273 درجة في الشهادة الإعدادية، اختارت الطالبة سارة شاكر أن تتخلى عن حلم الثانوية العامة، وتلتحق بالتعليم الفني في تخصص "فني آلات كهربائية"، لتكون ضمن الدفعة الأولى في هذا التخصص بنظام الجدارات، متحدية الأفكار التقليدية، ومؤمنة بأن النجاح لا يرتبط فقط بالمسار التعليمي المعتاد.
في لقاء خاص مع "خمسة سياسة"، تحدثت سارة عن قرارها الذي لم يكن سهلاً، لكنه جاء بدافع إنساني: "كنت أنوي دخول الثانوية العامة، لكن والدتي تعرضت لحادث قبل التقديم بفترة قصيرة، وكانت حالتها الصحية صعبة للغاية، ولم يكن بإمكاني تركها… كنت الوحيدة القادرة على الاعتناء بها، فقررت أن أكون بجانبها حتى لو على حساب دراستي."
وأضافت: "بالإضافة إلى ذلك، الأوضاع المادية بعد الحادثة لم تكن تسمح لي بالالتحاق بمدارس خاصة أو دروس خصوصية كما في الثانوية العامة، لذلك توجهت إلى التعليم الفني… والحمد لله، لم أندم يومًا."
اختيارها لتخصص "الآلات الكهربائية" لم يكن صدفة، بل نتيجة شغف قديم: "منذ صغري كنت أحلم بدخول كلية الهندسة الكهربائية، وبمجرد دخولي المدرسة تعاملت مع كل شيء كتجربة حقيقية، كنت أفكك المحركات وأسأل المعلمين وأعمل بيدي."
أكدت أن تجربتها في التعليم الفني أضافت لها الكثير، ليس فقط من الجانب الأكاديمي، بل في بناء الثقة والطموح: "دخلت هذا المجال كرحلة تعلم، لم أعتبر أنني معاقبة لعدم دخولي الثانوية العامة… اتخذت الأمر كتحدٍ، وقلت إذا كان هناك من خرج من هنا وأصبح من الأوائل على مستوى الجمهورية، فأنا أيضًا قادر على ذلك."
وعن طموحاتها قالت بثقة: "أنوي الاستمرار في الدراسة… وإن شاء الله سأدخل كلية الهندسة تخصص كهرباء، وأحقق حلمي مهما كانت الصعوبات."
أوضحت أن التعليم الفني وفر لها بيئة تعليمية عملية، بعيدة عن الضغوط التقليدية للثانوية والدروس الخصوصية: "الضغط عندنا ليس توترًا وخوفًا… بل ضغط إيجابي، لأن هناك منافسات ومسابقات وتكريم على جهودنا، وهذا يشجعني على بذل المزيد."
كما أشادت بدعم معلميها في المدرسة قائلة: "المدرسون لاحظوا اجتهادي وشجعوني باستمرار، وأشعر أن لي مكانًا بينهم، وأن تعب السنين لم يذهب سدى."
تجربة سارة تفتح بابًا لإعادة التفكير في دور التعليم الفني، خصوصًا مع تطوير المناهج وظهور تخصصات متخصصة تؤهل الطلاب لسوق العمل وتمنحهم فرصًا حقيقية لمواصلة التعليم الجامعي، بعيدًا عن النظرة القديمة التي كانت تقيد خياراتهم.