في صباح هادئ من أيام يوليو، خرج المهندس الشاب مصطفى أنور أحمد عفيفي، من منزله متوضئًا، متجهًا لأداء صلاة الفجر بصحبة والده. لم يكن يعلم أن هذه اللحظات القليلة ستفصله إلى الأبد عن أحبائه، فقد اغتالت رصاصات الغدر روحه النقية، لتتحول حياة عائلته إلى فاجعة، ويُضاف اسمه إلى سجل الشرف لشهداء الوطن.
حلمٌ توقف قبل أن يبدأ
مصطفى، الذي لم يتجاوز السابعة والعشرين من عمره، كان يستعد للزواج في شهر أكتوبر المقبل. أيام قليلة كانت تفصله عن تأسيس منزل جديد مع خطيبته، وكان من المقرر أن يصطحب أسرته نهاية الأسبوع التالي لشراء أثاث بيتهما. لكن القدر اختار له طريقًا آخر… فبدلًا من أن يُزف إلى عروسه، زُف إلى مثواه الأخير، ملفوفًا بعلم بلاده، شهيدًا من أبناء مصر المخلصين.
الابن الأصغر.. وذاكرة لا تُنسى
ينحدر مصطفى من قرية أشليم بمركز قويسنا في محافظة المنوفية، وكان أصغر أشقائه الثلاثة. عرفه الجميع بابتسامته الهادئة، وخلقه الطيب، وحبه العميق لعائلته وعمله. تخرج في معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران – قسم كهرباء – عام 2017، وعمل بعدها بإحدى الشركات الخاصة في محافظة الجيزة، حيث أمضى سنواته الأخيرة مجتهدًا متفانيًا.
رصاصات الإرهاب أنهت الرحلة مبكرًا
في فجر يوم الحادث، وبينما كان مصطفى ينتظر والده خارج المسجد، باغتته رصاصات إرهابية أطلقها عناصر من حركة “حسم” خلال محاولة فاشلة لتنفيذ هجوم تخريبي، فاستُهدف مصطفى واستُشهد، رغم محاولات الأطباء لإنقاذه.
تكريم رسمي ووداع شعبي
وزارة الداخلية نعت الشهيد مصطفى، مؤكدة تصديه ببسالة لتلك العناصر الإرهابية، كما قررت ضم أسرته إلى صندوق تكريم الشهداء، تقديرًا لما قدمه من تضحية. وفي قريته، شيّع الأهالي جثمانه بالدموع والدعاء، مختلطين بين ألم الفقد وفخر الشهادة. وعلت صور مصطفى جدران المنازل، كأنها تحرس ذاكرة القرية وتحفظ اسمًا لن يُنسى.
كان المفروض نشتري العفش… جهزنا له قبره
بهذه الكلمات المؤثرة، لخّص شقيق مصطفى المأساة. فقد تحولت أفراح الأسرة إلى حزن عميق، واستُبدلت ترتيبات الزفاف بمراسم الدفن. ومع ذلك، فإن وجع الفقد لم يُخفِ اعتزاز العائلة بابنها الشهيد، الذي رحل في لحظة نقاء وصفاء، كأن الله اختاره ليخلّد اسمه في سجل من لبّوا نداء الوطن بلا تردد.
ووجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضم أسرة المهندس مصطفى أنور أحمد عفيفي، إلى قائمة مستحقى التكريم وفقًا للضوابط المعمول بها فى صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودى ومصابى العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم.