مع انطلاق انتخابات مجلس الشيوخ 2025، شهدت مصر نشاطًا مُوسعًا لم تشهده منذ سنوات، وأتى ذلك من مشاركات لافتة من الأحزاب وتنظيم حملاتهم الدعائية والسير بين المواطنين للاستماع إلى مطالبهم، كما أن هناك العديد من الأحزاب أطلقت حملات جديدة ذات معنى لتلبية مطالب المواطنين مثل شعار حزب العدل "العدل بين الناس".
وبالرغم من أن الحملات الانتخابية هدفها الأساسي مخاطبة المرشحين للشارع السياسي وعرض برامجهم، لكن هذه المرة أصبح الوضع معكوس، إذ يشكوا الناخبون همومهم للمرشحين، آملين في أي تحسن حتى ولو اقتصر على مجرد تنفيس عن آلامهم.
حسب تحالف الأحزاب المشاركة في انتخابات الشيوخ 2025، بلغ عدد الأحزاب المشاركة 15 حزبا، ما يعني 83% من الأحزاب السياسية غير مشاركة في الانتخابات.
أكبر عدد من المرشحين في القاهرة
ويتنافس 428 مرشح بنظام الفردي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 على 100 مقعدًا في جميع المحافظات، بينهم 186 مرشحًا مستقلًا، و242 مرشحًا عن الأحزاب السياسية.
وشهدت محافظة القاهرة أكبر عدد من المرشحين، بـ 60 مرشح، تليها محافظة الجيزة بـ 28 مرشح، فيما شهدت محافظة بورسعيد تنافس مرشحين على مقعد وحيد.
أكثر من نصف المرشحين ينتمون لأحزاب
شهدت الانتخابات في الدوائر الفردية تنافسًا بين المرشحين الحزبيين ليأتي تمثيلهم بنسبة 56.8%، من إجمالي عدد المرشحين، وذلك مقابل 43.2% من المستقلين، ويدل هذا التوازن على تنافس قوي ومفتوح يتيح لجميع الكيانات الحزبية والكوادر المستقلة التواجد في مجلس الشيوخ، كما يعزز هذا التنويع من فرص تنوع التمثيل داخل المجلس ليخلق مزيجًا بين الخبرة الحزبية والطابع المستقل.
3 أحزاب تسيطر على 75% من القائمة
خاض 12 حزبًا بالإضافة إلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، الانتخابات ضمن "القائمة الوطنية من أجل مصر" ضمن نظام القائمة المغلقة، ليحصد حزب "مستقبل وطن" 44 مقعدًا، يليه "حماة الوطن" بـ 19 مقعدًا، و12 مقعد للجبهة الوطنية، ليسيطر الثلاثة أحزاب على 75% من القائمة، و25% لباقي الأحزاب والكيانات السياسية المشاركة في القائمة.
أساليب الدعاية الانتخابية
تميزت الحملات الانتخابية هذا العام بأنها استخدمت وسائل متنوعة للدعاية، من مؤتمرات ميدانية، إلى حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولقاءات جماهيرية موسعة.
وحرصت الأحزاب المشاركة على الوصول للناخب عبر عدة طرق مختلفة مثل رسائل سياسية واضحة، وبرامج تخاطب فئات مختلفة من الجمهور.
وتمثل الدعاية التقليدية من اللافتات الضخمة أعلى الطرق والكباري، المنقسمة إلى اللافتات القماش والبلاستيكية، والمنقوشة على حوائط المنازل في القرى، التي يكتبها الخطاطون، بالإضافة إلى مقابلة كبار العائلات في المضايف، الروح الكلاسيكية للانتخابات في مصر، بها يعرف الناخبون مرشحهم، فيما أصبحت السرادقات والمؤتمرات الضخمة مقتصرة على مرشحي الأحزاب من أصحاب رأس المال والتجارة.
فريق 5 سياسة، أجرى مسحًا ميدانيًا، لرصد الدعاية التقليدية للمرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ.
حضور باهت
أعلى محور 26 يوليو، وهو واحد من أهم المناطق المميزة لإعلانات الطرق في القاهرة الكبرى، حيث يبلغ طول محور 26 يوليو 29 كم، ويتضمن مئات اللافتات الدعائية يمينًا ويسارًا لكبرى البراندات والشركات العقارية، رغم ذلك، شهدت للافتات السياسية التي تعلن عن مرشحي انتخابات مجلس الشيوخ، حضورًا باهتا للغاية.
اكتفى حزب مستقبل وطن بلافتتين ثابتتين، يمين ويسار المحور، في منطقة الشيخ زايد، وأمام المقر الرئيسي لأمانة مستقبل وطن بالجيزة مباشرةً.
أما القائمة الوطنية من أجل مصر، فتواجدت من خلال 6 لافتات فقط للإعلان عن مرشحيها.
وبالإضافة إلى اللافتات الثابتة شهدت شاشة الإعلانات بداية المحور إعلانين، أحدهما لمرشحي مستقبل وطن، والثاني للقائمة الوطنية.
كما يوجد بطول كوبري أكتوبر 4 لافتات توجد 2 منهم عند ميدان رمسيس و2 عند منطقة شبرا الخيمة، كما توجد الكثير من اليافطات على طول طريق صلاح سالم.
تكلفة باهظة
كشف سعيد الهباب، مالك شركة للدعاية والإعلان، في تصريح خاص لـ "خمسة سياسة" عن تفاصيل الأسعار والعوامل التي تحكم سوق الإعلانات الخارجية في مصر، مؤكدًا أن السوق يتميز بتنوع كبير يلبي احتياجات وميزانيات كافة الشركات والمعلنين.
وأوضح الهباب أن أسعار اللوحات الإعلانية تختلف بشكل كبير بناءً على عدة عوامل رئيسية، أبرزها الموقع الجغرافي وحجم اللوحة ونوعها، وقال: "ليست كل المناطق متماثلة، فلكل منطقة تسعيرتها الخاصة التي تعكس أهميتها وكثافتها المرورية".
أسعار اللوحات الإعلانية الكبرى (اليونيبول)
وحول اللوحات الإعلانية العملاقة من نوع "يونيبول" (Unipole)، خاصةً تلك المنتشرة على المحاور الحيوية مثل محور 26 يوليو ومدينة 6 أكتوبر، أشار الهباب إلى أن ميزانيتها الشهرية تتراوح بشكل كبير.
وأضاف: "تبدأ الميزانية لهذه اللوحات من 250 ألف جنيه، وقد تصل إلى 500 ألف أو 700 ألف، بل ومليون جنيه شهرياً في بعض المواقع المتميزة".
وأكد أن هذه الأسعار خاصة بإيجار المساحة الإعلانية، بينما يتحمل العميل تكلفة الطباعة.
وتابع الهباب أن الحد الأدنى للتعاقد على هذه اللوحات هو شهري أو ربع سنوي (كوارتر)، ولا يوجد نظام تأجير يومي لهذا النوع من الإعلانات الكبرى.
اللوحات الصغيرة والمتوسطة:
بالانتقال إلى الأحجام الأصغر من اللوحات الإعلانية، مثل "السوسيت" التي توضع في الشوارع، ذكر الهباب أن أسعارها تكون في متناول شريحة أوسع من المعلنين، وتبدأ أسعار السوسيت من 4 آلاف إلى 7 آلاف جنيه شهريًا، وهذا يعتمد أيضاً على موقعها"، أما اللوحات الأصغر حجمًا، مثل مقاس 3x6 متر، فتتراوح تكلفتها الشهرية حوالي 60 إلى 70 ألف جنيه.
نموذج عمل شركات الإعلانات الخارجية
وشرح الهباب طبيعة عمل شركات الإعلانات الخارجية قائلاً: "نحن كشركات متخصصة في الإعلانات الخارجية (Outdoor)، نقوم باستئجار المواقع وتركيب الهياكل الحديدية (الاستاندات)، ومن ثم نؤجر هذه المساحات للعملاء من مختلف القطاعات، سواء كانوا مرشحين في انتخابات أو أحزابًا أو شركات تجارية".
عوامل مؤثرة في التكلفة
وشدد الهباب على أن السعر يتأثر بعوامل أخرى إلى جانب الموقع والحجم، فاللوحات المضيئة، والتي تشكل غالبية الإعلانات حاليًا، تكون تكلفتها ضمن السعر الموضح، وحتى لو لم تكن اللوحة مضيئة، فغالبًا ما يكون السعر متقاربًا، لكن في حال طلب العميل إضاءة إضافية أو خاصة، فإن ذلك يزيد من التكلفة الإجمالية وقد تصل إلى الضعف.
كما أشار إلى أن الكمية ومدة التعاقد تلعبان دورًا مهمًا في تحديد السعر النهائي، "بالتأكيد، العميل الذي يستأجر 50 أو 100 لوحة إعلانية يحصل على سعر مختلف عن الذي يستأجر لوحة واحدة".
وأضاف: "كذلك، تختلف تكلفة التعاقدات طويلة الأمد عن التعاقدات لشهر واحد فقط".
تكاليف الطباعة والتركيب
واختتم الهباب تصريحه بالتأكيد على أن تكلفة تصميم وطباعة وتركيب المادة الإعلانية نفسها تقع على عاتق العميل، مُضيفًا: "شركتنا تقدم للعميل المساحة الإعلانية، أما عملية تجهيز المحتوى الإعلاني وتركيبه وشدّه على اللوحة، فهي تكاليف إضافية يتحملها العميل".
"موسم الانتخابات بيشيلنا سنة كاملة" يقول محمد مجدي، صاحب إحدى المطابع بالإسكندرية في حديثه لـ "خمسة سياسة": "بنعلق اليفط بالمتر"، حيث يصل سعر تعليق اليفطة إلى 12 جنيها للمتر الواحد، أي أن اللافتة بطول 2 متر، يكون سعر تعليقها في الشارع 24 جنيها، بخلاف مصاريف الطباعة.
وأوضح أن متوسط تكاليف الحملة الانتخابية من اللافتات كان 500 ألف جنيه في الدورة الماضية، لكنه قفز هذا العام إلى 2 مليون جنيه تقريبا حتى يستطيع المرشح تغطية كافة الدائرة الانتخابية بكثافة مناسبة من الدعاية الانتخابية.
أما صابر عبد التواب منسق الحملة الانتخابية لأحد المرشحين في محافظة القليوبية فأكد في تصريحه لـ "خمسة سياسة" أن الحملات الانتخابية لمجلس الشيوخ بدأت منذ رمضان الماضي، بإقامة حفلات إفطار جماعي.
وأوضح صابر ان الترشح في انتخابات الشيوخ هذه المرة على المقاعد الفردية لغير الحزبيين مغامرة مالية، إذ أصبحت الدعاية الانتخابية تكلفتها عالية، لكن المرشح يحاول أن يتغلب على ذلك بالجلسات الودية مع كبار العائلات في المضايف للتعريف بنفسه وعرض برنامجه الانتخابي.