على مدار التاريخ، لم تكن كرة القدم مجرد لعبة شعبية بل تحولت أحيانًا إلى جسر للتواصل السياسي بين دول متخاصمة، ما يُعرف بـ"دبلوماسية الملاعب" لعب دورًا بارزًا في إذابة الجليد بين خصوم سياسيين؛ لكنه أيضًا كان في أوقات أخرى شرارة لصراعات أكبر.. وهو ما يبرز بوضوح الدور الرياضي الذي يُلعب في تصاعد أو تباطؤ الأحداث السياسية العالمية.
أبرز الأمثلة التاريخية
ويعد أحد أبرز الأمثلة التاريخية تجسّد في مباراة "الهدنة" الشهيرة بين جنود بريطانيا وألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى عام 1914، حينما ترك الطرفان أسلحتهما مؤقتًا ولعبوا كرة القدم في أجواء وُصفت بأنها إنسانية أكثر منها سياسية.. ولا تهتم وسائل الإعلام العالمية حينها بعودة الطرفين للحرب مرة أخرى أم لا، بل سلطت الضوء على هذا المشهد الفريق.
دبلوماسية الكرة
كذلك، شهد العالم ما عُرف بـ"دبلوماسية الكرة" بين هندوراس والسلفادور في السبعينيات، حيث تحولت مباريات تصفيات كأس العالم إلى فرصة لتسليط الضوء على الأزمة، لكنها انتهت بحرب قصيرة عُرفت بـ"حرب المئة ساعة".. في حادث مؤسف مازال يتذكره حتى اليوم شعبي هندوراس وسلفادور.
كرة القدم كوسيلة للتقارب بين الشعوب المتنازعة
في العصر الحديث، استُخدمت كرة القدم كوسيلة للتقارب بين الشعوب المتنازعة.. فـ في عام 1998، لعبت إيران والولايات المتحدة مباراة في كأس العالم بفرنسا وسط أجواء سياسية مشحونة؛ لكن اللقاء تحوّل إلى مشهد ودي حين تبادل اللاعبون الورود والتقطوا الصور المشتركة، ليُوصف بأنه "انتصار للدبلوماسية الرياضية".. ويقول في ذلك المحلل السياسي الأمريكي مايكل كوبر: "رغم أن المباراة لم تُغير طبيعة العلاقات بين واشنطن وطهران، إلا أنها قدمت لحظة نادرة من التواصل الإنساني التي يصعب تحقيقها عبر القنوات الرسمية".. ما يعكس الأثر الإيجابي الذي تركته هذه المواجهة التاريخية.
في إفريقيا، ساهمت كرة القدم في بناء جسور بين الشعوب، جنوب إفريقيا مثلًا استضافت كأس العالم 2010 في لحظة تاريخية بعد عقود من العزلة الدولية بسبب نظام الفصل العنصري، البطولة لم تكن مجرد حدث رياضي، بل اعتبرها كثيرون انتصارًا سياسيًا وصورة جديدة لدولة تحاول تجاوز ماضيها المؤلم.. وكانت الأجواء الجماهيرية في هذه البطولة رائعة.