تطرح العلاقة بين الرياضة وحقوق الإنسان سؤالًا معقدًا، هل يمكن أن تكون الرياضة مساحة لتعزيز القيم الإنسانية، أم أنها تتحول أحيانًا إلى وسيلة لتجميل انتهاكات حقوقية وتلميع صور أنظمة سياسية؟

من الناحية المثالية، تُقدَّم الرياضة باعتبارها نشاطًا إنسانيًا يرفع قيم المساواة والتنوع والتسامح. مبادرات مثل "الرياضة للجميع" أو الحملات الدولية ضد التمييز في الملاعب تؤكد على هذا البعد، كما أن مشاركة النساء وذوي الاحتياجات الخاصة في البطولات الدولية تعد دليلًا على أن الرياضة يمكن أن تكون أداة إدماج مجتمعي وحماية لحقوق الإنسان
.

لكن الواقع يختلف كثيرًا حين ننظر إلى أحداث كبرى، استضافة بعض الدول لبطولات مثل كأس العالم أو الألعاب الأولمبية أثارت جدلًا واسعًا حول انتهاكات حقوق العمال أو التضييق على حرية التعبير. الجدل الذي رافق كأس العالم في قطر 2022 كان أبرز مثال، حيث ركزت منظمات حقوقية على ظروف العمال الذين شاركوا في بناء الملاعب، بينما رأت الدوحة أن البطولة كانت فرصة لتعزيز الإصلاحات وإظهار الوجه الإيجابي للدولة.

الأمر لا يقتصر على الاستضافة فقط، بل يمتد إلى تعامل الحكومات مع الجماهير.، في بعض الدول، يُنظر إلى روابط المشجعين كقوة سياسية يصعب السيطرة عليها، فيتم التضييق عليهم أو حظر أنشطتهم. تجربة "الألتراس" في مصر أو تونس أظهرت كيف تحولت كرة القدم إلى ساحة للتعبير عن الغضب السياسي، وهو ما دفع السلطات للتعامل معها كملف أمني أكثر من كونه شأنًا رياضيًا.

العقوبات الرياضية أيضًا تمثل جانبًا من العلاقة بين الرياضة وحقوق الإنسان، استبعاد جنوب أفريقيا من المنافسات الدولية خلال حقبة الفصل العنصري كان خطوة رمزية قوية أجبرت الدولة على مراجعة سياساتها، وعلى النهج نفسه، جاءت العقوبات على روسيا بعد غزو أوكرانيا باعتبارها رسالة بأن الرياضة لا يمكن أن تنفصل عن المبادئ الإنسانية والسياسية.