لطالما كانت الرياضة، في نظر البعض، مجالًا يتجاوز الحدود السياسية ويجمع الشعوب؛ ولكن في إيران، أصبحت الملاعب وحلبات المنافسة مسرحًا آخر للمواجهة الأيديولوجية والسياسية مع إسرائيل، لسنوات طويلة، تبنّت الجمهورية الإسلامية سياسة رسمية وغير معلنة تمنع رياضييها من مواجهة أي منافس إسرائيلي، وهو ما أدى إلى تداعيات كبيرة على هؤلاء الرياضيين وعلى مكانة إيران في المحافل الرياضية الدولية.
تعتبر إيران أن مواجهة رياضييها للإسرائيليين هي "تطبيع" مع كيان لا تعترف به، وهو ما يتعارض مع مبادئ سياستها الخارجية، وقد حثّ المرشد الأعلى علي خامنئي الرياضيين الإيرانيين علناً على عدم مصافحة ممثلي "الكيان المجرم" من أجل ميدالية، مؤكداً أن القضية الفلسطينية أهم من أي فوز أو لقب.
تترجم هذه السياسة في الممارسات اليومية للرياضيين، حيث يجدون أنفسهم في مواقف صعبة ومحرجة، ففي العديد من البطولات الدولية، يضطر الرياضي الإيراني إلى الانسحاب من المنافسة، أو التظاهر بالإصابة، أو حتى خسارة مباراة عن عمد لتجنب لقاء محتمل مع لاعب إسرائيلي في الأدوار القادمة.
أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو المصارع الإيراني علي رضا كريمي، الذي قرر في عام 2017 خسارة مباراته عمدًا ليتجنب مواجهة مصارع إسرائيلي في بطولة العالم للمصارعة تحت 23 عامًا، ورغم أن قراره كلفه فرصة الفوز بميدالية، إلا أنه حظي بثناء وتكريم رسمي في إيران، باعتباره بطلاً "وطنيًا" أظهر التزامه بالمبادئ.
ومثال آخر هو بطل الجودو سعيد مولائي، الذي تعرض لضغوط هائلة من السلطات الإيرانية ليخسر مباراته في بطولة العالم 2019 لتجنب مواجهة لاعب إسرائيلي، مما دفعه في النهاية إلى مغادرة إيران والحصول على لجوء سياسي.
هذه السياسة لم تمر دون عواقب، فالاتحادات الرياضية الدولية، مثل الاتحاد الدولي للجودو، تعتبر هذه الممارسات انتهاكًا صريحًا للميثاق الأولمبي الذي ينص على عدم التمييز، وقد أدى هذا إلى فرض عقوبات على الاتحادات الإيرانية، مما أضر بالرياضيين وقيّد مشاركتهم في البطولات الدولية.
ورغم أن إيران حاولت أحياناً التعهد بإنهاء هذه السياسة لتفادي العقوبات، إلا أن الواقع على الأرض يظهر استمرارها. فالموقف السياسي الثابت تجاه إسرائيل يبقى هو المحدد الرئيسي لقرارات الرياضيين، مما يضعهم في خيار صعب بين تحقيق أحلامهم الرياضية والالتزام بتوجيهات حكومتهم.