يُعدّ أسم كريستيانو رونالدو مرادفًا للنجومية، والتأثير الهائل على الساحة الرياضية العالمية؛ لكن بعيدًا عن أضواء الملاعب، ظل اللاعب البرتغالي يتبع سياسة "الصمت" تجاه القضايا السياسية، مما جعله شخصية غامضة ومثيرة للجدل في هذا المجال، فبينما يرى البعض في هذا الصمت موقفًا حكيمًا، ينتقده آخرون باعتباره تهربًا من المسؤولية.

على عكس العديد من الرياضيين الذين يشاركون بفاعلية في النقاشات السياسية والاجتماعية، يبدو أن رونالدو قد اختار طريقًا مختلفًا، فمنذ بداية مسيرته، لم يُعرف عنه أي تصريح صريح أو واضح يدعم حزبًا سياسيًا معينًا أو يعارض حكومة ما، يركز رونالدو بشكل شبه كامل على مسيرته الكروية، أعماله التجارية، وحياته الشخصية، متجنبًا الخوض في القضايا التي قد تثير الجدل وتؤثر على صورته العالمية.

ومع ذلك، لم يمنع هذا الصمت من ربط أسمه ببعض المواقف السياسية، ففي عام 2022، أثار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ضجة كبيرة عندما صرّح بأن رونالدو تعرض "لمقاطعة سياسية" في كأس العالم بسبب "دعمه للقضية الفلسطينية".. وعلى الرغم من أن رونالدو لم يؤكد أو ينفي هذا التصريح، إلا أن هذه الكلمات أعادت طرح التساؤلات حول مواقفه من الصراعات الدولية.

في بعض الأحيان، كسرت لقاءات رونالدو مع شخصيات سياسية القاعدة التي يتبعها، فقد التقطت له صور مع وزراء إسرائيليين سابقين، وأخرى مع الرئيس الأمريكي الأسبق، دونالد ترامب، الذي أهداه قميصه، هذه اللقاءات، وإن كانت قد لا تعبر بالضرورة عن مواقف سياسية صريحة، إلا أنها تُثير التكهنات وتضع اللاعب تحت المجهر.

كما أن انتقاله إلى نادي النصر السعودي في عام 2023، أثار جدلًا واسعًا ففي الوقت الذي اعتبره البعض مجرد خطوة رياضية واقتصادية، انتقدت منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية، هذه الخطوة باعتبارها جزءًا من ظاهرة، ودعت رونالدو إلى استغلال شهرته للفت الانتباه إلى قضايا حقوق الإنسان في المملكة، ورغم هذه الدعوات، لم يصدر عن رونالدو أي تعليق أو موقف علني بهذا الشأن.

إن علاقة رونالدو بالسياسة هي قصة عن التأثير الذي يمكن أن يمتلكه رياضي من دون أن يتحدث صراحة، فبينما كان مارادونا شخصية سياسية بطبعه، اختار رونالدو أن يكون أيقونة رياضية محايدة سياسيًا، أو هكذا يبدو؛ ولكن في عالم اليوم المترابط، لم يعد من الممكن الفصل بين الشهرة العالمية والمواقف السياسية.

إن التحدي الأكبر أمام رونالدو، وجميع النجوم العالميين، هو كيف يمكنهم استخدام شهرتهم الهائلة للمساهمة في قضايا إنسانية دون التورط في الجدل السياسي الذي قد يؤثر على مسيرتهم المهنية، ومع تقدم رونالدو في العمر واقترابه من نهاية مسيرته الكروية، قد يتغير هذا النهج، وقد يختار في المستقبل أن يكون له دور أكثر فاعلية في القضايا التي تهمه، ليكون صوته مسموعاً ليس فقط في الملاعب، بل في قاعات السياسة أيضاً.