في تحول كبير يعكس التغيرات العالمية في مشهد الطاقة، أعلن البنك الدولي اليوم عن اتفاقية تعاون تاريخية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) لدعم تطوير وتمويل مشاريع الطاقة النووية الآمنة في الدول النامية. 

تُنهي هذه الخطوة حظرًا استمر لعقود على تمويل البنك لمثل هذه المشاريع، وتؤكد على الأهمية المتزايدة للطاقة النووية كمصدر حيوي لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تفاصيل الاتفاقية ودلالاتها

تم التوقيع على الاتفاقية في باريس بين رئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

 يهدف هذا التعاون إلى تعزيز المعرفة في مجال الطاقة النووية، وتوسيع فهم البنك الدولي لقضايا السلامة والأمن النووي، وتخطيط الطاقة، وإدارة النفايات النووية.

يشمل الدعم الشامل المقدم بموجب الاتفاقية جهود توسيع نطاق المفاعلات النووية القائمة في الدول التي تمتلكها بالفعل، وتحسين الشبكات والبنى التحتية المتعلقة بالطاقة. كما يركز بشكل خاص على تسريع إمكانات المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة (SMRs)، التي يُتوقع أن تكون أرخص وأسرع في البناء، مما يوفر خيارًا عمليًا ومتاحًا لعدد أكبر من الدول على المدى الطويل.

وأكدت كل من البنك الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية على التزامهما المشترك بضمان سلامة وأمن جميع المشاريع النووية، وتوفير الأطر التنظيمية اللازمة لتحقيق ذلك. 

وقد وصف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الاتفاق بأنه "مؤشر على عودة العالم لواقعية فكرة الطاقة النووية"، متوقعًا أن يفتح الباب أمام بنوك تنمية أخرى متعددة الأطراف ومستثمرين من القطاع الخاص للنظر في الطاقة النووية كوسيلة فعالة لتعزيز أمن الطاقة العالمي.

لماذا الآن؟ دوافع التحول في سياسة البنك الدولي

يأتي هذا التغيير الجذري في سياسة البنك الدولي مدفوعًا 

بعدة عوامل رئيسية: 

الطلب المتزايد على الكهرباء: يتوقع البنك الدولي أن يتضاعف الطلب على الكهرباء في الدول النامية بأكثر من مرتين بحلول عام 2035. 

وهذا يتطلب استثمارات سنوية ضخمة في البنية التحتية للطاقة، والطاقة النووية توفر حلاً فعالاً لتلبية هذا النمو. 

 الطاقة النظيفة والتحول المناخي: تُعد الطاقة النووية مصدرًا للطاقة منخفض الكربون، وهي حاسمة في تحقيق أهداف مكافحة تغير المناخ وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الملوث.

 تطور التكنولوجيا النووية: إن التقدم في تصميم وتطوير المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة (SMRs) يجعل الطاقة النووية أكثر مرونة، وأقل تكلفة، وأسهل في النشر، مما يوسع نطاق الدول التي يمكنها الاستفادة من هذه التكنولوجيا.

تُعد هذه الخطوة بمثابة إعادة تموضع استراتيجية للبنك الدولي في مشهد التحول العالمي للطاقة، وتمنح الدول النامية مساحة أوسع لتحديد حلول الطاقة التي تتناسب مع ظروفها واحتياجاتها التنموية، مع التركيز على الاستدامة والأمان.