عاشت مصر أمس تجربة عصيبة، حيث انقطعت الاتصالات ووسائل التواصل نظرًا لحريق سنترال رمسيس.

توقف شامل للاتصالات والإنترنت والصرافات

توقفت الاتصالات والهواتف وأجهزة الصراف الآلي، لتعود مصر إلى ثمانينيات القرن الماضي، حيث لا إنترنت ولا شبكات هواتف محمولة، ولا تطبيقات نقل ذكي، كما لو كنا في صحراء. جيل الثمانينيات حاول التأقلم والتعايش مع أوضاع عاشها في طفولته وبداية شبابه، عصر ما قبل التكنولوجيا.

شهادة سمر عبده: من العطلة إلى العزلة

تقول سمر عبده، 42 عامًا، موظفة، إن يوم أمس صادف إجازة عرضية من العمل، فاستيقظت متأخرة، وحاولت استخدام الهاتف بلا جدوى. تخيلت في البداية أن عطلًا أصاب هاتفي بشكل شخصي، ففتحت التلفاز لأجد خبر احتراق سنترال رمسيس، وتعاملت مع الخبر بشكل عادي، حريق أصاب مؤسسة حكومية.

وتكمل: كان لدي موعد مع أصدقائي، ولأنني متفقة معهم على المكان المحدد، توجهت في موعدي. وبالرغم من ابتعاد المكان عن الحريق، إلا أن الدخان كان يعمي العيون ويزكم الأنوف بشكل كبير. المحال مغلقة، ولا أجهزة صرف أموال، نتحرك ببعض الجنيهات القليلة للغاية.

وتشير إلى أن وقوع السيستم والانترنت أعاق عمليات الدفع "بكروت الفيزا"، ولأننا من زبائن المكان المعروفين، مضينا على شيك الدفع مع وعد بتحويل الأموال عند تشغيل الخدمات البنكية، وهو بالفعل ما حدث اليوم.

وتضيف: بالطبع واجهنا مشاكل جمة في رحلة العودة إلى منازلنا، لا هواتف تعمل حتى نتصل بالأهل للإنقاذ أو استخدام خدمات النقل الذكي، فوقفنا نبحث عن بدائل.

نوصي بقراءة : بالبيانات| حريق سنترال رمسيس يُوقف الإنترنت ويُعطل البورصة.. ماذا حدث في 7 يوليو؟

حنين إلى ما قبل التكنولوجيا

"كنا بنروح إزاي؟" قالتها إحدى الصديقات وهي تمزح، متذكرة طريقة عودتها مع والدتها قبل التطور الذي حدث في العقد الأخير، لتشير إلى أنها كانت تستقل "ميكروباص" بالقرب من صيدلية الإسعاف في وسط البلد.

الدخان كثيف، لا قدرة على الرؤية، والداخلية حولت الطريق عن موقع الحريق. عربات إسعاف كثيرة، أصوات عربات الإطفاء والحماية المدنية لا تنقطع. فقدت الأمل في العودة وسط ذلك التخبط، إلى أن وجدت واحدًا من أتوبيسات هيئة النقل متوجهًا إلى وجهتي، فقفزت فيه دون تفكير.

المترو مغلق والتاكسي يستغل الأزمة

وأشارت إلى أن إحدى الصديقات حاولت النزول إلى المترو، لتجد الدخان كثيفًا، فعادت. وحاولوا إيقاف سيارات التاكسي التي رفضت تشغيل العداد وطلبت سعرًا مضاعفًا؛ من 60 جنيهًا إلى 120 جنيهًا دفعة واحدة. فوافقت على مضض، خاصة وأن وقت عودتها قد تأخر ولا وجود لهواتف لتطمئن الأهل عليها. أما أنا، فقد سرت حتى بداية كوبري 15 مايو في شارع 26 يوليو أو وكالة البلح، وهو مشوار كبير للغاية، خاصة مع إصابة ظهري، حتى وجدت سيارة أستطيع تحمل نفقاتها، لأني لا أضمن وجود أحد بالمنزل في حال استقلالي "تاكسي".

 

نوصي بقراءة : حريق سنترال رمسيس.. الدولة تحت الاختبار بعد تعطل الاتصالات والطوارئ في قلب القاهرة

 

مقدمو خدمات النقل الذكي خارج الخدمة

ويقول أحمد سيد، أحد مقدمي خدمة النقل الذكي: فوجئت بعد بداية عملي بعدم وجود إنترنت، وبالتالي عدم وجود ركاب أو طلبات، أو خدمات اتصالات بشكل كامل. إلا أنني أمتلك هاتفين، أحدهما شخصي يحمل شريحة الشركة المصرية للاتصالات "وي"، وهي الشبكة الوحيدة التي تعمل بها خدمات الإنترنت في بعض الأماكن، وتمكنت من تلاقي الطلبات في أطراف محافظتي الجيزة والقاهرة مثل المعادي، التجمع، أكتوبر، الشيخ زايد. ولم نستطع التواصل أنا والركاب عبر الهاتف، بل من خلال رسائل التطبيق فقط.

عودة للاعتماد على النقد... والبنوك تمد ساعات العمل

البدائل كانت العودة إلى التاكسي، والنقل الجماعي، مع التأكد من وجود مبالغ مالية كافية وعدم الاعتماد الكامل على بطاقات الدفع. كما قررت البنوك امتداد ساعات العمل حتى الخامسة مساءً. كما أعلنت الشركة القابضة للمياه اتخاذ الإجراءات اللازمة لتشغيل جميع مراكز الشحن التابعة لشركات المياه في ورديات مسائية، وذلك بشكل مؤقت لحين الانتهاء من معالجة مشكلة التوقف المؤقت لخدمات الشحن الإلكتروني عبر شركات المدفوعات (فوري – خالص).

عداد الكهرباء ينفد… وسلك مشترك بدل التكييف

وعن مشاكل شحن المرافق والعودة إلى عقد كامل إلى الوراء، خاصة مع وجود عدادات مرافق مسبقة الدفع مثل الكهرباء والغاز والمياه، يقول محمد علي: عند عودتي اكتشفت نفاد كارت الشحن لعداد الكهرباء، وحاولت شحنه بالطريقة المعتادة إلا أنها باتت بالفشل. وتغلبت على مشكلتي بوصلة كهرباء من والدتي. بات الموضوع مضحكًا مبكيًا، خاصة وأن الوصلة كانت عبارة عن سلك أوصله بمشترك، وأشعلت المروحة بدلًا من التكييف، في جو شديد الحرارة، وأنا أسكن في الدور الأخير، ومعتاد على التكييف، مما أعادني إلى عقدٍ كامل إلى الوراء.

الاتصالات الأرضية ملاذ أخير

وعن أزمة الاتصالات، صادف الحظ منى، في كونها كانت في مكان بعيد نسبيًا عن محيط الأحداث، فتمكنت من التواصل عبر الهاتف الأرضي مع والدتها في الصعيد لتطمئن عليها، خاصة وأنها كبيرة في السن، وتمنعها ظروفها الأسرية والعمل من الذهاب إلى محافظتها البعيدة باستمرار، فتضطر للاعتماد على الهواتف النقالة لمتابعة حالتها الصحية.

وأكدت الشركة القابضة أنه جارٍ التنسيق مع الجهات المعنية وشركات الدفع الإلكتروني لحل المشكلة في أقرب وقت ممكن، مشيرةً إلى أن هذا الإجراء يأتي لتخفيف الأعباء على المواطنين وضمان توافر خدمات الشحن خلال فترات الذروة.

كما شهدت وسائل التواصل الاجتماعي بعضًا من آثار ما حدث من انقطاع للوسائل التواصل وتوقف أجهزة الصراف الآلي، وتعطل خدمات الإنترنت في المطار.

نوصي بقراءة  : الوكالات الاجنبية تشيد بكفاءة مصر في السيطرة على حريق سنترال رمسيس