لم تعد الرياضة مجرد ساحة للمنافسة الشريفة والروح الرياضية، بل تحولت في كثير من الأحيان إلى ساحة للصراعات السياسية، يتم فيها استخدام المنافسات والبطولات كأدوات لتحقيق أهداف لا تمت للرياضة بصلة، هذا التحول الخطير، الذي يُطلق عليه "تسييس الرياضة"، يهدد جوهرها وروحها النبيلة، ويُلقي بظلاله على مستقبلها.

لم يكن هذا التسييس وليد اللحظة، بل له تاريخ طويل؛ ولكنه ازداد بشكل لافت في العقود الأخيرة، ففي زمن الحرب الباردة، كان المعسكران الشرقي والغربي يتنافسان في الألعاب الأولمبية ليعكس كل منهما تفوق نظامه الاجتماعي والسياسي، اليوم، أصبحت الحكومات تستخدم استضافة الأحداث الرياضية الكبرى كأداة للقوة الناعمة، لتحسين صورتها على الساحة الدولية، وتشتيت الانتباه عن القضايا الداخلية، أو حتى للتغطية على سجلاتها في مجال حقوق الإنسان.

أحدث مثال على هذا التسييس هو قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بفسخ عقد رعايته مع شركة غازبروم الروسية، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، هذا القرار، وإن كان مبررًا من الناحية الأخلاقية، إلا أنه يمثل نقطة تحول خطيرة، حيث يتم فرض عقوبات رياضية بناءً على قرارات سياسية، كما أن استبعاد الفرق الروسية من البطولات الدولية يُعد قرارًا سياسيًا بحتًا، وله تداعيات كبيرة على اللاعبين والجمهور.

من جهة أخرى، أصبحت قضايا حقوق الإنسان تُستخدم كأداة ضغط سياسي على الدول المستضيفة للمونديال أو الألعاب الأولمبية، وهو ما حدث مؤخرًا مع قطر، فبينما يرى البعض أن هذا الضغط ضروري لضمان احترام حقوق العمال، يرى آخرون أن هذه الحملات تُدار بدوافع سياسية، وأنها لا تُطبق بالقدر نفسه على الدول الأخرى.

وتشير التقارير العالمية أن تسييس الرياضة له عواقب وخيمة، فهو يُفقد الرياضة براءتها، ويُحبط اللاعبين، ويُدخلهم في صراعات لا علاقة لهم بها، كما أنه يمزق الجمهور، الذي قد يُجبر على الاختيار بين ولائه لفريقه أو لبلده.