في كل صراع عسكري، تكون الخسائر فادحة ولا تقتصر على الأرواح والممتلكات فقط، فالحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت في فبراير 2022، لم تهز الاستقرار السياسي والأمني في العالم فحسب، بل امتدت آثارها المدمرة لتضرب قلب عالم الرياضة، محولة الملاعب إلى ساحات للعقوبات، واللاعبين إلى ضحايا للصراع الجيوسياسي.
كان رد الفعل الدولي على العملية العسكرية الروسية سريعاً وحاسماً، لم تمضِ أيام قليلة حتى بدأت المنظمات الرياضية الكبرى في اتخاذ إجراءات غير مسبوقة ضد روسيا، فالاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) قاما بتعليق مشاركة الأندية والمنتخبات الروسية من جميع البطولات الدولية، بما في ذلك التصفيات المؤهلة لكأس العالم، هذا القرار يعني أن روسيا، التي استضافت كأس العالم 2018، أصبحت معزولة تماماً عن أكبر حدث كروي في العالم.
لم يقتصر الأمر على كرة القدم، فالاتحاد الدولي لألعاب القوى (IAAF) منع الرياضيين الروس والبيلاروسيين من المشاركة في بطولاته، وكذلك الحال في رياضة التنس حيث تم منعهم من المشاركة في بطولة ويمبلدون 2022، وفي سباقات الفورمولا 1، تم إنهاء عقد سائق فريق هاس، نيكيتا مازيين، كما تم إلغاء سباق الجائزة الكبرى الروسي، هذه الإجراءات الصارمة أثبتت أن الرياضة لم تعد ملاذاً آمناً بعيداً عن السياسة، بل أصبحت أداة ضغط قوية.
لم تكن الأندية والمنتخبات هي الضحية الوحيدة، بل امتدت العواقب لتطال اللاعبين الأفراد العديد من الرياضيين الأوكرانيين وجدوا أنفسهم مضطرين لترك أنديتهم والعودة إلى بلادهم للدفاع عنها، في حين اضطر رياضيون روس، مثل لاعب التنس أندريه روبليف، إلى التعبير علناً عن مواقفهم المناهضة للحرب، معبرين عن أسفهم على ما يحدث.
وفي أوكرانيا، توقفت البطولات الرياضية المحلية تماماً، فقد تحولت الملاعب التي كانت تضج بالحياة إلى ثكنات عسكرية، والنجوم إلى مقاتلين، قصة الملاكم الأوكراني أولكسندر أوسيك، الذي ترك معسكره التدريبي وعاد إلى كييف للانضمام إلى القوات المسلحة، أصبحت رمزاً لهذه المرحلة.
إضافة إلى العزلة الرياضية، تسببت الحرب في خسائر اقتصادية هائلة، فقد فقدت الأندية الروسية العديد من الرعاة الأجانب، كما تم إنهاء عقود البث التلفزيوني للبطولات الروسية، هذه الخسائر ليست مجرد أرقام، بل تؤثر على مستقبل الأندية وقدرتها على الاستمرار.