لا تخلطوا كرة القدم بالسياسة".. هكذا يقول العشاق والمتخصصون؛ لكن عندما يتعلق الأمر بنجم بحجم محمد صلاح، يصبح الفصل بين العالمين شبه مستحيل.. فـ"الفرعون المصري"، الذي تجاوزت شهرته الملاعب لتصل إلى كل بيت في العالم العربي، يمثل ظاهرة فريدة من نوعها، ليس فقط كلاعب كرة قدم، بل كرمز يمتلك تأثيرًا اجتماعيًا وسياسيًا هائلًا في بلاده، دون أن ينطق بكلمة واحدة في معظم الأحيان.

على عكس نجوم كبار مثل مارادونا الذي كان صديقًا للسياسيين ويُعلن عن مواقفه بشكل صريح، اختار محمد صلاح طريقًا مختلفًا، فمنذ بزوغ نجمه، التزم صلاح بسياسة "الصمت" تجاه القضايا السياسية، ونادرًا ما يتحدث في الشأن العام، ويُفضل أن تقتصر تصريحاته على الملاعب، وإنجازاته، وأعماله الخيرية
.

هذا الموقف، الذي يراه البعض حكيماً لتجنب الدخول في مستنقع السياسة المعقد، ينتقده آخرون باعتباره تهربًا من المسؤولية، فبينما يمتلك صلاح شهرة هائلة وقوة تأثير لا مثيل لها، يرى البعض أنه كان بإمكانه استغلال هذه القوة للضغط من أجل قضايا مجتمعية وسياسية هامة
.

رغم صمته المباشر، لا يمكن إنكار أن صلاح يمتلك تأثيرًا سياسيًا غير مباشر، فقصة صعوده من قرية "نجريج" الصغيرة إلى العالمية أصبحت رمزًا للأمل بالنسبة لملايين الشباب المصري، لقد أثبت صلاح أن الأحلام يمكن أن تتحقق بالعمل الجاد والمثابرة، وهو ما يبعث برسالة إيجابية قد تكون أكثر تأثيرًا من أي خطاب سياسي
.

كما أن نجاحه كلاعب مسلم في أوروبا، ومحافظته على شعائره الدينية، ساهم في تحسين صورة المسلمين في الغرب، وساهم في تقليل ظاهرة "الإسلاموفوبيا
" في بعض المناطق، كمنطقة ليفربول، هذا التأثير الثقافي والاجتماعي العابر للحدود هو في حد ذاته قوة سياسية هائلة.

على الرغم من صمته، كان صلاح أكثر جرأة في التعبير عن مواقفه من قضية فلسطين، فقد أعلن دعمه للشعب الفلسطيني في أوقات الأزمات، وطالب القادة الغربيين بالتدخل لوقف العنف، هذه المواقف، التي يفرضها عليه موقعه كـ"نجم عربي ومسلم"، تضعه في قلب الجدل السياسي، وتجعله هدفاً للانتقاد من قبل من يرى أنه لا يفعل ما يكفي، وفي الوقت نفسه، تجعله بطلاً في عيون الملايين
.