في عالم الرياضة، تتجاوز اللحظات العابرة حدود المنافسة لتصبح رسائل سياسية وإنسانية خالدة، إحدى هذه اللحظات التي طبعت في ذاكرة المتابعين كانت عندما رفع اللاعب التونسي الدولي السابق علاء الدين يحيى، قلب دفاع نادي لانس الفرنسي آنذاك، الكوفية الفلسطينية الشهيرة، لم تكن هذه الحركة مجرد تعبير شخصي عابر، بل كانت رمزًا صريحًا وموقفًا شجاعًا يجسد تضامنًا عربيًا غير مشروط مع القضية الفلسطينية في أكبر المحافل الرياضية الأوروبية، مُحولاً المستطيل الأخضر إلى منصة لدعم الحق.

تعتبر الكوفية الفلسطينية، بتطريزاتها المميزة التي تُصور شبكة صيد السمك (البحر) وأوراق الزيتون (الأرض والسلام) والطرق التجارية (التاريخ)، أكثر من مجرد غطاء للرأس، لقد تحولت عبر التاريخ من زي ريفي تقليدي إلى رمز وطني وثوري بارز للقضية الفلسطينية.

ارتبطت الكوفية بالثورة الفلسطينية الكبرى في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم تعززت رمزيتها عالميًا مع ظهور القائد ياسر عرفات، لتصبح أيقونة عالمية للتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، إن رفع الكوفية في أي محفل دولي اليوم هو إعلان انتماء لمجمل هذه القضية وتاريخها الممتد
.

علاء الدين يحيى، المدافع التونسي المتميز الذي خاض مسيرة احترافية طويلة في فرنسا ولعب للمنتخب التونسي، لم يتردد في استخدام شهرته الرياضية للفت الأنظار إلى قضية وطنه العربي الأولى، في لقطة مؤثرة، ارتفعت الكوفية على يد يحيى في أحد الملاعب الأوروبية، في تحدٍ واضح لـ"صمت" المؤسسات الرياضية الكبرى تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

تأتي أهمية هذا الموقف من كونه صادرًا عن رياضي محترف في بيئة قد تفرض قيودًا على التعبير السياسي. ففي كثير من الأحيان، يواجه الرياضيون الذين يتخذون مواقف داعمة للقضية الفلسطينية انتقادات، أو حتى عقوبات، ورغم ذلك، اختار يحيى أن يكون "صوت الضمير"، مؤكدًا أن القضايا الإنسانية لا يمكن أن تنفصل عن الرياضة.

موقف علاء الدين يحيى يندرج ضمن سلسلة من مواقف التضامن التي عبّر عنها نجوم عرب وعالميون، مستخدمين منصاتهم الرياضية لإيصال الرسالة الفلسطينية إلى أوسع نطاق، في زمن تتسارع فيه الأحداث وتختلط فيه الحقائق، يظل التضامن من قبل شخصيات عامة كـ "يحيى" قوة دفع إضافية للقضية.

هذه اللحظات، حين يلتقي الرمز الرياضي (اللاعب) بالرمز النضالي (الكوفية)، تُذكر العالم بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع سياسي، بل هي قضية عدالة إنسانية تتجاوز الجغرافيا واللغة، وأنها ما زالت حية في وجدان الشعوب العربية وضمير أحرار العالم.