شهدت قرية البرخيل التابعة لمركز البلينا بمحافظة سوهاج حالة من الذعر والقلق خلال الأيام الماضية، بعد تكرار اندلاع حرائق مفاجئة في عدد من المنازل دون وجود سبب واضح أو منطقي، ما دفع بعض الأهالي إلى الاعتقاد بأن ما يحدث سببه "قوى خارقة" كالجن والعفاريت، خاصة في ظل عجز البعض عن تفسير مصدر النيران المتكررة.
"خمسة سياسة" تفتح الملف.. وتستعين برأي علمي
وفي إطار حرصه على التحقق من الأسباب الحقيقية وراء تلك الظواهر الغريبة، تواصل موقع "خمسة سياسة" مع أحد المتخصصين في الكيمياء وخاصة في التفاعلات العضوية والغازات القابلة للاشتعال، أكد أن ما يحدث في قرية البرخيل ليس له علاقة بالخرافات أو الماورائيات، وإنما يعود إلى تراكم كميات كبيرة من المخلفات العضوية في بعض المناطق القريبة من المنازل.
غاز الميثان.. الجاني الحقيقي خلف الكواليس
وأوضح المتخصص أن هذه المخلفات تنتج غاز الميثان بمرور الوقت، وهو غاز قابل للاشتعال بشدة عند تعرضه لدرجات حرارة مرتفعة مثلما يحدث في فصل الصيف، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة حدثت من قبل في قرى أخرى، وكانت النتيجة مشابهة.
حرائق مفاجئة متفرقة دون سبب واضح، إلى أن تبين أنها ناتجة عن التفاعل بين الحرارة العالية وتراكم الغاز الناتج من المخلفات.
وناشد الخبير المواطنين بعدم الانسياق وراء التفسيرات غير العلمية، مؤكدًا أهمية التعامل مع مثل هذه الحوادث بعقلانية، وضرورة رفع المخلفات بشكل منتظم لتفادي تكرار مثل هذه الحرائق في المستقبل.
الغازات القابلة للاشتعال.. خطر صامت في البيئات الريفية
تُعد الغازات القابلة للاشتعال مثل الميثان والبروبان والإيثان من أخطر الملوثات غير المرئية في البيئات التي تفتقر إلى التهوية الجيدة أو التي تحتوي على مخلفات عضوية متحللة، مثل القرى والمناطق الزراعية. هذه الغازات لا تُرى بالعين المجردة، لكنها قد تتسرب وتنتشر في الجو المحيط، وعند توافر مصدر حرارة، يمكن أن تشتعل بشكل مفاجئ محدثة حرائق تبدو غامضة لمن لا يدرك طبيعتها.
أهمية الوعي المجتمعي وإجراءات الوقاية
ويوصي الخبراء دائمًا بضرورة نشر التوعية حول هذه الظواهر، خصوصًا في المجتمعات الريفية التي قد تغيب عنها المعلومات العلمية الدقيقة. كما ينصحون بتجنب تراكم القمامة والمخلفات الحيوانية والنباتية، والحرص على وجود فتحات تهوية جيدة في الأماكن المغلقة، إلى جانب التواصل مع الجهات المختصة حال ملاحظة أي سلوك غير طبيعي للهواء أو الروائح، بما يساهم في الوقاية من الحوادث وتقليل الخسائر.
رأي ديني: "العقل قبل الخرافة.. والقرآن بركة وحماية"
وفي محاولة لفهم الأبعاد الدينية والنفسية المرتبطة بالحادث، تواصل موقع "خمسة سياسة" مع الشيخ عبدالرحمن شلش، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية، لسؤاله عما إذا كان ما يحدث في قرية البرخيل تفسير ديني أو شرعي.
وقال الشيخ شلش، إن مثل هذه الحوادث يجب التعامل معها بعقلانية، موضحًا أن منازل القرى البسيطة غالبًا ما تكون مبنية بطرق بدائية، ويعلوها قش أو مواد قابلة للاشتعال، وهو ما يجعلها عرضة لأي شرارة لو كانت عقب سيجارة، كما أشار إلى أن درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف قد تكون سببًا طبيعيًا في اندلاع الحريق.
وأضاف: "لا ننكر وجود السحر والجن، فهي أمور مذكورة في القرآن، لكن ده لا يعني إننا نسلّم عقلنا بالكامل لأي تفسير غيبي من غير تدبر أو تحقيق"، مشددًا على أن الحماية المدنية لها دور مهم في توعية الناس وتعليمهم كيفية التعامل مع الحرائق والوقاية منها.
وعند سؤاله عن احتمالية أن تكون هذه الحرائق ناتجة عن "غضب من الجن" بسبب التنقيب عن الآثار، نفى الشيخ الأمر تمامًا، وقال: "التنقيب الرسمي بيتم تحت إشراف الدولة ووزارة الآثار، والدكتور زاهي حواس نفسه بينقب، ومافيش حاجة من دي عمرها حصلت، ومافيش حاجة اسمها جن بيغضب ويولّع في البيوت، وعلينا إننا مننساقش ورا الشائعات".
وفي ختام حديثه، دعا الشيخ عبدالرحمن جمعة شلش الأهالي إلى الإكثار من الدعاء، والمحافظة على الصلاة وقراءة القرآن، مؤكدًا أن "كل كلمة في القرآن فيها بركة وحماية من الله".