كانت علاقة أسطورة كرة القدم الأرجنتينية، دييجو أرماندو مارادونا، بالرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، واحدة من أكثر العلاقات جدلاً في السنوات الأخيرة، ففي حين رأى البعض أنها صداقة حقيقية مبنية على قناعات سياسية مشتركة، اعتبرها آخرون علاقة استغلال متبادل، حيث استفاد كل منهما من الآخر لتحقيق أهدافه الخاصة.

تعود جذور هذه العلاقة إلى الزعيم الفنزويلي الراحل، هوجو تشافيز الذي كان صديقًا لمارادونا، وشاركه في توجهاته السياسية المناهضة للإمبريالية الأمريكية، بعد وفاة تشافيز، ورث مادورو هذه العلاقة، واستمر في توطيدها مع الأسطورة الأرجنتينية، لم تكن هذه الصداقة مجرد علاقة عابرة، بل كانت علاقة إستراتيجية لكلا الطرفين.

كان مارادونا يرى في مادورو رمزًا للثورة الاشتراكية التي آمن بها طوال حياته، كان يعتبره امتدادًا لخط فيدل كاسترو وهوغو تشافيز، فكان مارادونا يدافع عن مادورو بقوة في كل مناسبة، ويهاجم خصومه السياسيين، كان يعتبر أن فنزويلا تتعرض لمؤامرة أمريكية بهدف السيطرة على مواردها الطبيعية، كانت هذه القناعات السياسية جزءًا أساسيًا من هوية مارادونا، الذي لم يخفِ يومًا تعاطفه مع الحركات الثورية في أمريكا اللاتينية.

من جهة أخرى، كان مادورو يستفيد من شهرة مارادونا العالمية، ففي ظل العزلة الدولية التي كانت تعاني منها فنزويلا، كان ظهور مارادونا بجانبه يعطيه شرعية ومصداقية، كان مارادونا بمثابة ورقة رابحة في يد مادورو، خاصةً عندما كان الأخير يواجه احتجاجات شعبية عارمة ومطالبات بالرحيل، كانت صور مارادونا وهو يلوّح بالعلم الفنزويلي ويشيد بمادورو تُستخدم بشكل مكثف في وسائل الإعلام الحكومية لإظهار أن النظام يحظى بدعم عالمي.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك تقارير عن حصول مارادونا على أموال ومزايا من الحكومة الفنزويلية مقابل دعمه، ورغم أن هذه التقارير لم يتم تأكيدها رسميًا، إلا أنها كانت تثير تساؤلات حول طبيعة هذه العلاقة.

مع وفاة مارادونا في نوفمبر 2020، انتهت هذه العلاقة المثيرة للجدل؛ ولكن النقاش حولها لا يزال مستمرًا فهل كانت صداقة حقيقية بين شخصين يجمعهما نفس الفكر السياسي؟ أم كانت علاقة استغلال متبادل، حيث باع مارادونا شهرته مقابل المال والنفوذ، واستفاد مادورو من دعم أسطورة عالمية لتعزيز شرعيته؟.