لم يكن دييغو مارادونا، أيقونة كرة القدم الأرجنتينية، مجرد لاعب موهوب حفر اسمه في تاريخ الرياضة، لقد كان شخصية مثيرة للجدل، لم تتردد في التعبير عن آرائها السياسية بصراحة، حتى لو كانت هذه الآراء مخالفة للتيار السائد.
من بين أبرز علاقاته السياسية وأكثرها إثارة للجدل، كانت صداقته القوية مع الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، لقاء جمع بين "بطل الفقراء" في الملاعب و"قائد الثورة البوليفارية" في السياسة.
بدأت علاقة مارادونا بتشافيز في عام 2005، عندما التقى الاثنان في كاراكاس، لم يكن اللقاء مجرد زيارة بروتوكولية، بل كان بداية لصداقة عميقة قائمة على قناعات مشتركة، كان كلا الرجلين يرى نفسه مناصراً للطبقات الفقيرة ومناهضاً للهيمنة الأمريكية، كان مارادونا يرتدي قميصاً يحمل صورة تشافيز، ويصفه بـ"الزعيم" و"صديق الشعوب".. هذه الصداقة لم تكن مجرد عاطفة شخصية، بل كانت جزءاً من انخراط مارادونا الأوسع في السياسة اليسارية بأمريكا اللاتينية.
كان مارادونا، الذي لم ينسَ جذوره المتواضعة في الأحياء الفقيرة بالأرجنتين، يرى في تشافيز نموذجاً للقائد الذي يدافع عن حقوق شعبه في وجه "الإمبريالية".. فـ مارادونا لم يتردد في إظهار إعجابه بالزعماء اليساريين في المنطقة، مثل فيدل كاسترو في كوبا، الذي كان صديقاً مقرباً له أيضاً، وإيفو موراليس في بوليفيا، كانت هذه المواقف تضع مارادونا دائماً في مرمى النقد، خاصة من الجهات التي لا توافق على هذه الأيديولوجيات السياسية.
في العديد من المناسبات، ظهر مارادونا في فنزويلا لدعم حكومة تشافيز، سواء في التجمعات الجماهيرية أو في البرامج التلفزيونية، كان يرتدي قمصاناً عليها صورته وصور تشافيز، ويصرخ بشعارات مؤيدة للثورة، كانت هذه التحركات بمثابة استغلال ذكي لشعبية مارادونا الجارفة من قبل النظام السياسي الفنزويلي، الذي كان بحاجة إلى دعم من رموز عالمية لمواجهة العزلة الدولية، ومع وفاة تشافيز في عام 2013، كان مارادونا من أكثر الشخصيات حزناً، سافر إلى فنزويلا للمشاركة في الجنازة، وألقى كلمة مؤثرة وصف فيها تشافيز بأنه "قائد عظيم" و"رجل لا يمكن نسيانه".
لم تنتهِ علاقة مارادونا بالسياسة اليسارية عند هذا الحد، بل استمر في دعم خلفاء تشافيز، وخاصة الرئيس نيكولاس مادورو، حتى وفاته في عام 2020.. لم يكن انخراط مارادونا في السياسة مجرد محاولة لكسب الأضواء، بل كان جزءاً من هويته الشخصية، كان يؤمن بأن شهرته يجب أن تستخدم من أجل قضايا يؤمن بها.
كانت علاقته بتشافيز تجسيداً لهذا الاعتقاد، لقد أظهرت أن الأبطال الرياضيين يمكن أن يكون لهم دور يتجاوز الملعب، وأنهم قادرون على إحداث تأثير سياسي، سواء كان هذا التأثير إيجابياً أم سلبياً، بحسب وجهة نظر المراقب.