"الرياضة ليست مجرد لعبة، بل هي مرآة للمجتمع".. هذه المقولة تنطبق بشكل خاص على عالم السياسة، حيث يجد العديد من القادة أنفسهم مرتبطين بالرياضة، ليس فقط كهواية، بل كأداة استراتيجية لتعزيز شعبيتهم وتشكيل صورتهم العامة.. من ملاعب كرة القدم إلى حلبات الملاكمة، أظهر العديد من السياسيين الكبار اهتمامًا بالغًا بالرياضة، مازجين بين القوة السياسية والشغف الرياضي.
يُعد رئيس الوزراء البريطاني السابق، بوريس جونسون، أحد أبرز الأمثلة على السياسيين الذين يستخدمون الرياضة لإظهار جانب أكثر إنسانية وديناميكية، غالبًا ما كان يظهر وهو يلعب التنس أو الرجبي، مما يعكس شخصية نشطة ومحبة للمنافسة، خلال فترة رئاسته لبلدية لندن، كان جونسون من أكبر الداعمين للأولمبياد، مستخدمًا الحدث لتعزيز صورة لندن كمدينة عالمية، اهتمامه بالرياضة لم يكن مجرد هواية، بل أداة للاقتراب من الجمهور وإظهار أنه "واحد منهم".
في روسيا، يمثل الرئيس فلاديمير بوتين مثالًا فريدًا على دمج الرياضة في الصورة السياسية، بوتين وهو حائز على الحزام الأسود في الجودو، لا يخفي شغفه بهذه الرياضة القتالية، يظهر هذا الشغف في العديد من الصور ومقاطع الفيديو، حيث يتدرب مع لاعبين محترفين ويشارك في فعاليات خاصة، اهتمام بوتين بالجودو ليس مجرد هواية؛ بل هو جزء من بناء صورته كزعيم قوي، منضبط، ومسيطر، الرياضات القتالية، في حالته، ليست مجرد رياضة، بل هي رمز للقوة والثبات والقدرة على التحكم، وهي رسائل يحرص على إيصالها إلى شعبه والعالم.
عند الحديث عن السياسيين والرياضة، لا يمكن إغفال الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، معروف بحبه الشديد لكرة السلة، غالبًا ما كان أوباما يظهر وهو يلعب في ملاعب البيت الأبيض أو يستقبل فرقًا رياضية في احتفالات خاصة، كان يُنظر إلى حبه لكرة السلة كجزء من شخصيته، مما جعله يبدو أكثر قربًا من الشباب الأمريكي، كان أوباما يستخدم الرياضة أيضًا كأداة دبلوماسية، فخلال فترته الرئاسية، استضاف العديد من الأبطال الرياضيين، وعقد لقاءات رسمية معهم، مما عزز صورة الولايات المتحدة كدولة تقدر الإنجاز الرياضي.
ربما يكون نيلسون مانديلا هو المثال الأبرز على كيفية استخدام الرياضة كأداة سياسية لتغيير مجتمع بأكمله، بعد خروجه من السجن وتوليه رئاسة جنوب أفريقيا، أدرك مانديلا أن الرياضة، وخاصة رياضة الرغبي التي كان يكرهها البيض، يمكن أن تكون أداة لتوحيد الأمة المنقسمة، عندما استضافت جنوب أفريقيا بطولة كأس العالم للرغبي عام 1995، ارتدى مانديلا قميص الفريق الوطني (الذي كان يمثل في السابق سيطرة الأقلية البيضاء) وشجع الفريق بحماس، هذه اللحظة التاريخية، التي وثقها فيلم "إنفيكتوس"، أصبحت رمزًا للوحدة والمصالحة الوطنية، مما يؤكد أن الرياضة، في أيدي القادة العظماء، يمكن أن تكون أقوى من أي خطاب سياسي.
هؤلاء القادة، وغيرهم الكثيرون، يثبتون أن الرياضة والسياسة ليستا عالمين منفصلين، بل هما وجهان لعملة واحدة، حيث يستخدم القادة شغفهم أو دعمهم للرياضة كوسيلة للتواصل مع الشعوب، وبناء الصورة، وفي بعض الأحيان، تغيير مجرى التاريخ.