"الصامتون هم الأقوى".. مقولة قد تنطبق على ليونيل ميسي، الأسطورة الكروية التي حفرت اسمها بحروف من ذهب في تاريخ كرة القدم.

في عالمٍ تتداخل فيه الرياضة مع السياسة بشكلٍ متزايد، يظل ميسي صوتًا هادئًا، مفضلاً الحديث بكرة القدم على الحديث عن أي شيء آخر. هذه العلاقة الفريدة، أو بالأحرى انعدام العلاقة، بين ميسي والحياة السياسية تثير العديد من التساؤلات حول دور الرياضي في مجتمعه، وهل الصمت في هذه الحالة قوة أم ضعف؟.


منذ بداية مسيرته، حرص ميسي على الابتعاد عن الأضواء خارج الملعب، لم يُعرف عنه إطلاق تصريحات سياسية، ولم يتدخل في قضايا خلافية، بل ظلّ تركيزه منصبًا بشكلٍ كامل على أدائه داخل المستطيل الأخضر، هذا الموقف يتناقض بشكل صارخ مع العديد من الرياضيين العالميين الذين استخدموا شهرتهم للتعبير عن آرائهم السياسية والاجتماعية، مثل محمد علي كلاي الذي رفض المشاركة في حرب فيتنام، أو ليبرون جيمس الذي يدافع عن حقوق الأمريكيين من أصل أفريقي.

هذا الصمت لم يأتِ من فراغ، فـ ميسي يأتي من بيئة كروية تولي الأهمية القصوى للنتائج والبطولات، بعيدًا عن صخب الحياة السياسية، إضافةً إلى ذلك، فإن شهرته العالمية تضعه في موقع حساس للغاية، أي تصريح قد يُفهم على أنه انحياز لطرف ضد آخر، مما قد يؤثر على شعبيته أو يضعه في مواجهة مع جماهير في دول مختلفة.

ومع ذلك، لم تخلُ مسيرة ميسي من بعض المواقف التي فُسّرت على أنها ذات دلالات سياسية، ولو بشكل غير مباشر، أبرزها عندما رفض المصافحة مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز خلال جولة برشلونة في عام 2013، وهو موقف أشاد به الكثيرون واعتبروه انحيازاً للقضية الفلسطينية، وعلى الرغم من أن مصادر مقربة من اللاعب نفت أن يكون الموقف سياسياً، إلا أن الصورة ظلت عالقة في الأذهان كرمز لموقف محتمل لميسي، كما أن ظهوره في عدة مناسبات خيرية ودعمه لمنظمات إنسانية، مثل اليونيسف، يُظهر أنه ليس منعزلاً عن القضايا الإنسانية، وإن كان يفضل العمل من خلال قنوات محددة بدلاً من التصريحات العلنية.

يمكن القول إن ميسي ليس سياسياً بالفطرة، ولا يرى في نفسه قائدًا أو متحدثًا باسم الشعوب. هو ببساطة فنان في مجال كرة القدم، يحاول أن يقدم أفضل ما لديه للجماهير التي تعشقه، صمته هو موقفه، وهو موقفه الذي اختاره بنفسه، مفضلًا أن يترك أفعاله داخل الملعب تتحدث عنه.