لطالما كان بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وعمدة لندن السابق، شخصية سياسية لا تُنسى، ليس بسبب خطاباته فقط، بل بفضل صورته الجسدية غير التقليدية التي لعبت فيها الرياضة دورًا محوريًا، فبالنسبة لجونسون، لم تكن الرياضة مجرد تمرين للحفاظ على اللياقة، بل أداة قوية لبناء صورة "الرجل العادي" المليء بالحيوية والفوضى المحببة، وهي الصورة التي استخدمها بمهارة للوصول إلى أعلى منصب في البلاد.
تعتمد علاقة جونسون بالرياضة على نوعين من الأنشطة يمثلان تباينًا مثيرًا للاهتمام في هويته السياسية:
رياضة الركبي: هي رمز للطبقة العليا والمؤسسات التعليمية البريطانية المرموقة التي تخرج منها جونسون (مثل إيتون وأوكسفورد).. تمنحه هذه الرياضة إطار القوة البدنية والقدرة على الاندفاع والالتحام المباشر، وهي صفات تتناسب مع الخطاب السياسي القوي الذي يتبناه، أشهر لحظاته الرياضية كانت عندما قام عن طريق الخطأ بعرقلة طفل يبلغ من العمر 10 سنوات خلال مباراة استعراضية في اليابان، وهي حادثة تحولت إلى لقطة شعبية جمعت بين الخلق الفوضوي والقدرة البدنية التي يروج لها.
ركوب الدراجات: هذه هي الأداة الرئيسية لجونسون لتقديم نفسه كـ"رجل لندن العادي".. كان ظهوره المستمر وهو يركب دراجته في شوارع العاصمة، بشعره الأشقر الفوضوي، يهدف إلى كسر صورة السياسي النخبوي البعيد عن الناس، وبصفته عمدة لندن، قام بتوسيع شبكة "ممرات الدراجات السريعة" وهو مشروع عزز سمعته كداعم لوسائل النقل الصديقة للبيئة.. لقد كانت الدراجة وسيلة ليقول للناخبين: "أنا واحد منكم، أواجه زحمة المرور مثلكم تماماً".
الرياضة في حياة جونسون لم تكن دائمًا مثالية، بل كانت أحيانًا محفوفة بالجدل، وهو ما يخدم أسلوبه السياسي القائم على التشويش والتمويه.. ونستعرض ذلك في السطور التالية.
استغلال الألعاب الأولمبية: كرئيس لبلدية لندن، استفاد جونسون بشكل كبير من نجاح أولمبياد لندن 2012، لقد نجح في تقديم نفسه كـتميمة احتفالية للأحداث، ليُسجل الإنجاز باسمه بالرغم من أن العمل الأولي لتأمين الألعاب تم قبل توليه منصبه.
تحدي القيود: خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا، واجه جونسون انتقادات شديدة عندما تم رصده وهو يركب دراجته لمسافة سبعة أميال بعيدًا عن منزله، في مخالفة واضحة لإرشادات الحكومة التي دعت إلى "البقاء محليًا".. هذا التناقض بين الخطاب العام والسلوك الشخصي يعكس أسلوبه المعتاد في تحدي القواعد، مما يرسخ صورته كـ"شخص فوق النظام" في نظر مؤيديه، بينما يثير غضب منتقديه.