لم تكن أحداث السابع من أكتوبر 2023 مجرد عملية عسكرية؛ بل كانت شرارة حرب غيرت موازين القوى في المنطقة، وألقت بظلالها القاتمة على عالم الرياضة الذي يفترض أنه ساحة للسلام والتنافس النظيف.
فجأة، توقفت صافرات المباريات، وتوارت الأضواء، لتفسح المجال أمام أخبار القصف والنزوح، ليصبح الرياضيون أنفسهم جزءاً من هذه المأساة، بين خندق الواجب الوطني أو حمل الرسائل الإنسانية.
كان التأثير المباشر والأكثر وضوحًا هو تعليق النشاط الرياضي في المناطق المتضررة بشكل فوري وشامل، وخاصة في فلسطين وإسرائيل.
في فلسطين، توقف العمل في قطاع غزة بالكامل، حيث تحولت المنشآت الرياضية، إن لم يتم تدميرها، إلى ملاجئ أو مراكز إيواء للنازحين، وتوقفت جميع المسابقات المحلية، بما في ذلك الدوري الفلسطيني، أما في إسرائيل، فقد أدت حالة الطوارئ والتعبئة العامة إلى تأجيل وإلغاء العديد من مباريات الدوري المحلي لمختلف الألعاب، وأصبح التركيز منصبًا على الأمن والحماية بدلًا من التنافس.
وامتد الاضطراب إلى المسابقات القارية والدولية، ففرق الأندية التي كانت تستضيف مباريات على أرضها اضطرت إلى لعب "مباريات بيتية" في دول محايدة بعيدًا عن أراضيها، مما أثر على التجهيزات الفنية والمعنوية واللوجستية، كما حدث لبعض الأندية الإسرائيلية في بطولات أوروبا، أو الفرق الفلسطينية التي وجدت نفسها معزولة عن أي مسار رياضي طبيعي.
على الصعيد الإنساني والمعنوي، تحولت الملاعب العالمية ونجوم الرياضة إلى منبر للتعبير عن المواقف، حيث شهدت العديد من الدوريات الكبرى حول العالم، خاصة في أوروبا والوطن العربي، وقوفًا صامتًا ودقائق حداد على الضحايا، وظهر العديد من اللاعبين العالميين، وخصوصًا العرب والمسلمين، يرتدون شارات أو يحملون لافتات داعمة للسلام أو مناصرة للقضية الفلسطينية في ظل ضغوط إعلامية وسياسية كبيرة.
وتحولت بعض الأندية إلى مراكز لتنظيم حملات التبرع والمساعدات الإنسانية، حيث قام رياضيون بجمع الأموال والمؤن لمساعدة المتضررين في غزة والأسر التي تضررت من الحرب.
كانت الخسارة الأقسى هي الخسائر البشرية، العديد من الرياضيين والمدربين والكوادر الفنية في قطاع غزة لم ينجوا من القصف، ودُمرت أحلام أجيال كاملة من الرياضيين الشباب، لقد أدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية الرياضية بشكل يكاد يكون كاملاً في القطاع، مما يعني أن العودة إلى النشاط الرياضي الطبيعي ستتطلب سنوات من إعادة الإعمار والدعم.
لم تعد الرياضة مجرد ترفيه أو تنافس بعد 7 أكتوبر، بل أصبحت مرآة للصراع ومحطة لنقل الرسائل الإنسانية والسياسية، ومؤشرًا على حجم الكارثة التي تتطلب تدخلًا عاجلًا لإعادة الحياة إلى طبيعتها، بما في ذلك حياة الملاعب التي أغلقتها أصوات المدافع.