تستعد المكسيك، إلى جانب الولايات المتحدة وكندا، لاستضافة النسخة الاستثنائية من كأس العالم FIFA 2026 لتسجل بذلك سابقة تاريخية كأول دولة تستضيف البطولة ثلاث مرات.
وعلى الرغم من أن الأضواء غالبًا ما تُسلط على العوائد الاقتصادية المتوقعة، التي تتجاوز 3 مليارات دولار، فإن الأهمية الحقيقية تكمن في المكاسب السياسية والاستراتيجية بعيدة المدى التي تسعى المكسيك لتحقيقها على الساحة الدولية والإقليمية.
تُعد استضافة حدث عالمي بحجم كأس العالم فرصة ذهبية لأي دولة لإعادة تقديم نفسها للعالم. بالنسبة للمكسيك، تمثل استضافة المونديال الثالث فرصة لتعزيز مكانتها كقوة رياضية وثقافية كبرى، وتأكيد قدرتها على تنظيم وإدارة فعاليات دولية ضخمة.
كما تساهم هذه الاستضافة في تلميع صورتها الدولية، متجاوزةً التحديات الداخلية، وتركيز الأنظار على العمق الثقافي والحضاري للبلاد، خاصة مع استضافة ملعب آزتيكا التاريخي المباراة الافتتاحية، مما يمنح المكسيك شرف انطلاق أكبر بطولة كروية في العالم.
على الصعيد الإقليمي، تُرسخ الاستضافة المشتركة مع الولايات المتحدة وكندا عمق العلاقات في قارة أمريكا الشمالية، فبالرغم من التوترات السياسية العابرة، فإن العمل المشترك على تأمين وتنظيم البطولة (كما أكدت الدول الثلاث التزامها بضمان أمن البطولة) يعكس وحدة المصير الإقليمي والتعاون الاستراتيجي في مجالات الأمن والسياحة والبنية التحتية، مما يعزز من دور المكسيك كشريك محوري في القارة.
تعتبر كرة القدم أداة فعالة في الدبلوماسية الشعبية، إن تدفق ملايين السياح الإضافيين المتوقع وصولهم إلى المكسيك خلال شهري يونيو ويوليو، سيوفر فرصة لا تُعوض للترويج للثقافة المكسيكية الغنية وكرم الضيافة، هذه التجربة المباشرة للزوار هي أداة ناعمة قوية للتأثير على صورة المكسيك في الوعي العالمي بشكل إيجابي ومستدام. كما أن إطلاق تميمة خاصة بالمكسيك وهي الجاكوار "Zayu"، يعكس احتفاءً بالفخر الوطني والحيوانات الشهيرة بالبلاد.
داخليًا، تساهم الإنجازات الرياضية والنجاح التنظيمي في توحيد الصفوف الوطنية، في بلد يتميز بتنوعه الجغرافي والاجتماعي، تعمل حماسة كرة القدم والفخر باستضافة الحدث على رفع الروح المعنوية وتركيز الاهتمام العام على إنجاز وطني مشترك، مما يعطي دفعة قوية للحكومة لتعزيز الشعور بالانتماء والفخر لدى المواطنين.