تستعد الولايات المتحدة، بالاشتراك مع جارتيها كندا والمكسيك، لاستضافة نسخة تاريخية من كأس العالم 2026 بمشاركة 48 منتخباً.

وعلى الرغم من أن الأرباح الاقتصادية المتوقعة تقترب من مستويات قياسية، فإن واشنطن تخطط أيضاً لتحويل هذا الحدث الرياضي الكوني إلى منصة دبلوماسية وسياسية ضخمة، لتعزيز صورتها على الساحة العالمية، وتأكيد نفوذها في المنطقة.

تُعتبر استضافة كأس العالم فرصة ذهبية للولايات المتحدة لتسليط الضوء على قدراتها التنظيمية وبنيتها التحتية الجاهزة، وتقديم نفسها كـ "دولة جامعة" قادرة على استيعاب ثقافات وشعوب العالم أجمع، فبعد فترات من التوتر السياسي والمنافسة الدولية الشرسة، تسعى واشنطن لاستخدام هذا الحدث كـ "قوة ناعمة" لتنقية الأجواء الدبلوماسية.

احتضان ملايين المشجعين والرياضيين والإعلاميين من كل قارة يتيح للقيادة الأمريكية فرصة نادرة لإظهار وجهها المرحّب والمنفتح، ومحاولة تفكيك الصور النمطية السلبية التي تشكلت عنها في السنوات الأخيرة، هذا الاستعراض الحضاري يهدف في المقام الأول إلى تعزيز مكانة أمريكا العالمية وإثبات دورها كلاعب أساسي ومركز جذب عالمي، في مواجهة صعود قوى منافسة أخرى.

تأتي استضافة كأس العالم 2026 ضمن ملف ثلاثي مع كندا والمكسيك، ومن المنظور السياسي الأمريكي، فإن هذا التعاون المشترك ليس مجرد ترتيب لوجستي، بل هو تأكيد على عمق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية في قارة أمريكا الشمالية، تعتبر الولايات المتحدة نفسها الشريك الأكبر والأكثر تأثيراً في هذا الترتيب.. وستسعى واشنطن لاستغلال البطولة لتسليط الضوء على نموذج التكامل الإقليمي، رغم التوترات الأخيرة المتعلقة بقضايا الهجرة والرسوم الجمركية.

كما أن استضافة أكبر عدد من المباريات، وخصوصاً نهائي البطولة، سيؤكد على مكانة الولايات المتحدة المهيمنة ضمن التحالف الثلاثي، منصة للتأثير السياسي الداخلي والخارجي تتزامن الاستضافة مع احتفالات الذكرى الـ 250 لتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، مما يمنح الحدث بُعداً وطنياً إضافياً يمكن استغلاله سياسياً، فالرياضة في أمريكا أصبحت منصة صريحة للقضايا السياسية، ومن المتوقع أن يستغل القادة الأمريكيون هذا التجمع العالمي للتعبير عن مواقفهم، سواء فيما يتعلق بقضايا الهجرة أو الأمن القومي.

كما أن هذا الحدث يمنح الرئاسة الأمريكية، أياً كان شاغلها، نفوذاً دبلوماسياً غير متوقع في التعامل مع دول العالم، فرؤساء الدول والمسؤولون الكبار سيتوافدون إلى الولايات المتحدة، مما يفتح قنوات للحوار والتفاوض خلف الكواليس، ويسمح لواشنطن بإعادة ترتيب أولويات سياستها الخارجية، مستغلة حضورها القوي في هذا التجمع العالمي.