في تصعيد خطير داخل أروقة حزب الإصلاح والتنمية، أعلن الدكتور حافظ فاروق، نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية وعضو المكتب التنفيذي والهيئة العليا، رفضه التام للأسلوب الذي يتبعه رئيس الحزب محمد أنور السادات في إدارة الحزب، متهما إياه بتعمد مخالفة لائحة الحزب واستغلال موقعه للانفراد بالقرارات وإقصاء المعارضين.
وأضاف فاروق أن السادات بات يدير الحزب بعقلية فردية لا تختلف كثيرًا عن أساليب التوريث السياسي التي طالما انتقدها، مشيرًا إلى أنه يدعو لاجتماعات الهيئة العليا على هواه، ويوجه الدعوات لمن يشاء ويتجاهل من يعارضه.
واصفًا ما يفعله بأنه ليس إدارة سياسية، بل “استعراض شخصي ومحاولة يائسة للسيطرة على الحزب بالإقصاء والترهيب، بعد أن فقد القدرة على الإقناع والعمل الجماعي.”
حيث يرى فاروق أن ما يجري ليس مجرد خلاف شخصي، بل انتهاك صارخ لمبادئ العمل الحزبي ولقواعد الشفافية والمساءلة، وإن السلوك المتكرر بالسماح لنفسه بإصدار قرارات منفردة وإقصاء المعارضين يُعدّ استعراضا سلبيا للقوة داخل الحزب، وليس ممارسة قيادة سياسية حقيقية.
وأوضح أيضا أن هذا الأسلوب بات يُلجأ إليه كلما ضعف مقنعة السادات أمام الحجة، فكان اللجوء إلى الشخصية والترويج للخلافات على أنها نزاع شخصي، لكتم الصوت الآخر وحرف الانتباه عن جوهر الخلاف، مؤكداً أن “شخصنة الخلافات أصبحت سلاح السادات الوحيد للهروب من مواجهة الحقائق.”
كما أعلن أنه بصدد اتخاذ كل الإجراءات القانونية والتنظيمية لوقف هذا النهج العبثي الذي يهدد وحدة الحزب ويفقده مصداقيته أمام الرأي العام، قائلاً: “كفى عبثًا باللوائح، وكفى شخصنة للأمور الحزب ليس مزرعة خاصة ولن يُدار بأهواء فرد مهما كان اسمه أو تاريخه.”
ليســــــت الازمــــــة الأولـــى داخـــل حـــــزب الإصـــــلاح والتنميـــــة
وفي السياق ذاته، كان قدر أعرب أسامة بديع أمين لجنة الشباب بالحزب في السابق عن استياءه الشديد، عبر بيان علني اتهم فيه إدارة الحزب بعدم الالتزام بمعايير العدل في اختيار المرشحين، معتبرا أن التعديلات اللائحية الأخيرة صُمِّمت لتفريغ المناصب من منافسة حقيقية وتهميش الشباب.
كما وجه بديع اتهامًا إلى أن بعض الاجتماعات الحزبية التي اعتمدت كمحطات تنظيمية هامة لم تُدعَّ أحد من المعارضين الحزبيين لها، بل عقدت سرًّا وبدون دعوات رسمية، مما أثار سجالات حول شرعية توقيعات الحضور وطبيعة تلك الاجتماعات.
من جهة أخرى، تتكرر شكاوى أعضاء الحزب المؤسسين حول استبعادهم من قوائم الترشّح دون مبرّر واضح، وفقدانهم لحق المشاركة التنظيمية الفاعلة.
ففي نقاش عام حول انتخابات مجلس النواب المقبلة، طلب العضو المؤسس حسام جبران الحق في الترشّح باسم الحزب، وهدد باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد ما وصفه بـ “المنع التعسفي” من القوائم الحزبية.
وتشير تقارير إلى أن بعض مرشحي الحزب ضمن قوائم “الوطنية” لم يكونوا من الأعضاء الأساسيين، بل تم اختيارهم خارج آليات الحزب الداخلية، الأمر الذي أثار لغطًا واسعًا داخل صفوفه.
يؤكد المعارضون أن التعديلات التي أُجريت طُبِّقت دون استشارة الهيئة العليا أو الجمعية العمومية، بل في اجتماعات سرية يدَّعون أنها شابتها شُبهات تزوير توقيعات بعض الأعضاء.
هذه التطورات الداخلية ليست حكرًا على حزب الإصلاح والتنمية؛ بل هي مرآة لصراع أكبر في المشهد الحزبي المصري، حيث تشهد الأحزاب المعارضة أزمات تنظيمية متكررة، وفقدانًا لآليات ديمقراطية سليمة داخلها، مما يضعف من قدرتها على التماسك والتأثير الفعلي.
وربما يُنظر إلي ما يجري في الإصلاح والتنمية كمثال يوضح مدى هشاشة الأحزاب التي تعتمد في جوهرها على قيادة مركزية أو أقرب إلى المركز الواحد والتفرد بالقرار.
وربما قد يُقال إن التمركز في القرار وتجاوز الأطر التنظيمية ظاهره قوة، لكنه داخليًا يُفضي إلى سخط متزايد، تآكل في الثقة، وانقسامات تهدد بظهور تيارات تفلت من السيطرة الحزبية، أو ربما انفصال فصائل معارضة أو تشكيل مكاتب موازية.
ويبدو أن ما بدأه حافظ فاروق وبديع وجبران قد يصبح نقطة فاصلة في تطور الحزب، وربما يُعيد فتح نقاش أعمق حول جدوى الأحزاب الداخلية الديمقراطية في مصر ومآلاتها في بيئة سياسية مضغوطة.
وإذا لم تُفتَح قنوات الجدل والمراجعة في الإصلاح والتنمية، فإن إدارة الحزب برؤية فردية تقمع النقد وتغيّب الديمقراطية الداخلية، قد تُفضي إلى إنقسام شامل أو عزوف من القواعد عن العمل الحزبي.
وما يهم في المرحلة القادمة هو ما إذا كانت قرارات فاروق وبديع وجبران ستُترجَم إلى إصلاح حقيقي، أم تظلّ مجرد صرخات داخل جدار أُسس متصدعة مسبقًا.
يبقى السؤال: هل ستتم معالجة هذه الأزمة داخليا بحوار مفتوح يرضي الجميع، أم ستتحول إلى معركة قانونية سياسية تضع مستقبل “الإصلاح والتنمية” أمام امتحان حقيقي؟ إن استمرار النهج المنفرد قد يُضعف مصداقية الحزب أمام قواعده والجمهور، ويطال سمعة العمل الحزبي عموما في الساحة السياسية.