في واحدة من أقوى الضربات الاستباقية للأجهزة الأمنية، نفذت وزارة الداخلية المصرية عملية نوعية ناجحة ضد خلية إرهابية تابعة لتنظيم "حسم"، الذراع المسلحة لجماعة الإخوان. العملية التي جرت في إحدى ضواحي محافظة الجيزة لم تمر بهدوء على الأهالي، بل عاشوا ليلة استثنائية طغى عليها صوت الرصاص والخوف، قبل أن تنتهي بالانتصار على الإرهاب.

رصاص في الليل وقلوب ترتجف

السيدة "أم ياسر"، إحدى قاطنات المنطقة، تروي المشهد من البداية، "صحينا فجأة على صوت ضرب نار عنيف، في الأول افتكرناه خناقة كبيرة، لكن بعدها سمعنا صوت ضباط الشرطة بينادوا علينا من الشارع، وقالوا: اقفلوا الشبابيك، وابعدوا عن البلكونات".

تلك الليلة، كانت الشرطة تداهم شقة لا تبعد سوى أمتار قليلة عن منزل أم ياسر، تبين أنها وكر إرهابي يستخدمه أعضاء في خلية "حسم" لتخزين أسلحة والإعداد لهجمات نوعية.

ضباط في وجه الخطر ومواطنون تحت الحماية

رغم خطورة الموقف، لاحظ الأهالي كما تقول أم ياسر، أن الضباط كانوا حريصين على سلامة السكان قبل التحرك، قائلة: "كانوا بيصرخوا علينا نقفل النوافذ ونبعد.. كانوا خايفين علينا أكتر من نفسهم.. فعلاً شُفنا فيهم رجال بمعنى الكلمة".

العملية الأمنية استندت إلى معلومات دقيقة تشير إلى تخطيط عناصر الخلية لعمليات إرهابية وشيكة، حيث عُثر داخل الشقة على كميات من الأسلحة والمتفجرات ومخططات لاستهداف منشآت حيوية.

تكبيرات وأصوات انفجارات

ووصفت أم ياسر المشهد: "سمعنا رصاص تقيل جدًا، وبعدين أصوات انفجارات، شكلها كانت قنابل صوت أو غاز..فجأة سمعنا تكبيرات من جوه الشقة، كأنهم بيودعوا بعض، وبعدها حصل صمت غريب".

دامت المواجهات نحو ساعة ونصف، أُغلقت خلالها الشوارع المحيطة بالكامل، ودفعت الداخلية بقوات خاصة وسيارات إسعاف، حتى تأمين الموقع والتأكد من القضاء على التهديد.

صباح جديد على أنقاض وكر الإرهاب

مع حلول الصباح، خرج سكان المنطقة ليتأكدوا مما حدث، قالت أم ياسر: "شفنا ناس مقبوض عليهم ومقيدين، وبعضهم كان باين عليه آثار اشتباك. سمعنا إن في اتنين ماتوا جوه الشقة.. الحمد لله الأمن خلصنا منهم قبل ما يفجروا نفسهم أو يعملوا مصيبة".

قلق السكان ومطالب بتشديد الرقابة

رغم نجاح العملية، عبّر الأهالي عن خوفهم من وجود عناصر غريبة في الحي. تقول أم ياسر: "عايشين وسط قنبلة موقوتة، ومش عارفين.. لازم الداخلية تراجع السكان والمستأجرين من غير أوراق أو هوية واضحة".

 

شهيد من الشعب يمنع جريمة إرهابية بجسده

قال شادي، أحد شهود العيان من سكان المنطقة، إن دوي إطلاق النار بدأ مع انطلاق أذان الفجر، موضحًا: "سمعنا صوت ضرب نار جاي من العمارات اللي ورا، وكان والدي بيستعد ينزل يصلي الفجر، وخرج معاه مصطفى للصلاة".

وتابع شادي: "وأثناء خروجهم من باب البيت، لمح مصطفى اثنين من الإرهابيين وهما بيدخلوا زقاق ضيق جنب المنزل، فقرر يتدخل علشان يمنعهم من الهروب، ومسك شاكوش كان قريب منه علشان يوقفهم لحد ما الشرطة تيجي تقبض عليهم، لكن للأسف الإرهابيين أطلقوا عليه الرصاص واستُشهد في الحال".

وأضاف شادي بحزن: "الأسرة كلها مكسورة على فراق مصطفى، بس بنحمد ربنا إن حقه جه، وإن الشرطة خلصت عليهم، وربنا يرحمه ويجعل مثواه الجنة".

عناصر شديدة الخطورة

وزارة الداخلية أصدرت بيانًا أكدت فيه أن العملية استهدفت خلية إرهابية كانت تتخذ من الشقة مركزًا لعملياتها، موضحة أن أفراد الخلية بادروا بإطلاق النار على القوات، ما استدعى الرد الفوري، وأسفر عن مقتل عدد من العناصر الخطيرة دون وقوع إصابات بين المدنيين أو القوات.


في تلك الليلة، لم يكن الخوف وحده سيد الموقف، بل ظهرت أيضًا شجاعة رجال الشرطة الذين واجهوا الموت لحماية المدنيين. بين دوي الرصاص ودعوات الأمهات، كتبت وزارة الداخلية فصلًا جديدًا في معركة مصر ضد الإرهاب، لتبقى دماء الأبرياء آمنة، ويظل الوطن حصنًا منيعًا في وجه من يسعى لتهديده.