وسط أحلام كبيرة رسمتها طالبة الثانوية العامة "حبيبة" في ذهنها، وعلى مقعد صغير بجوار والدها في أحد شوارع محافظة الغربية، كانت تنتظر اللحظة التي تغيّر حياتها، لحظة إعلان النتيجة، وعندما أتاها الخبر السعيد، وُلدت معه لحظة مأساوية أنهت كل شيء.
من التفوق إلى الفاجعة
حصلت "حبيبة عبد السلام"، الطالبة المجتهدة بإحدى مدارس محافظة الغربية، على 94% في الثانوية العامة، القسم الأدبي، وكانت النتيجة مصدر فخر لعائلتها، ولها بشكل خاص، إذ كانت تعمل إلى جانب والدها على "نصبة قهوة" بسيطة في الشارع لمساعدته في مصاريف البيت والدروس الخصوصية، ولم تشعر بالخجل من الظروف، بل كانت تقول دائمًا: "الجدعنة مش عيب، وده رزق شريف".
لكن لحظات الفرح لم تكتمل. ففي صباح إعلان النتيجة، وبينما كانت "حبيبة" جالسة بجوار والدها تُعدّ له كوب الشاي كعادتها، فوجئت الأسرة بسيارة مسرعة تصطدم بها وهي على الرصيف. سقطت "حبيبة" وسط صدمة الأهالي، وتم نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة، لكنها فارقت الحياة بعد ساعات من الحادث متأثرة بإصاباتها الخطيرة.
"كانت بتحلم تبقى حاجة كبيرة"
روى والد الطالبة، في حالة من الانهيار، أن ابنته كانت تتمنى أن تلتحق بكلية الألسن، أو الإعلام، وكانت تبذل مجهودًا كبيرًا في المذاكرة رغم ظروفهم البسيطة. وأضاف: "قالتلي يوميًا يا بابا هستحمل لحد ما أحقق حلمي.. وفعلاً جابت 94%، بس فرحتها ماكملتش".
أشار إلى أن "حبيبة" لم تكن مجرد طالبة، بل كانت عمود البيت، تساعد إخوتها الصغار، وتحفظ القرآن الكريم، وتُعرف بين الجيران بأخلاقها الرفيعة واجتهادها.
غضب شعبي ومطالب بالتحقيق
الحادث أشعل موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دشن المئات من النشطاء وسومًا تطالب بـ"العدالة لحبيبة"، والكشف عن هوية سائق السيارة ومحاسبته قانونيًا، وعبّر رواد السوشيال ميديا عن غضبهم من عشوائية القيادة، خاصة في المناطق الشعبية التي تغيب عنها الرقابة المرورية، ما يجعل أرواح الأبرياء مهددة في أي لحظة.
وطالب الأهالي في المنطقة بسرعة القبض على المتسبب في الحادث، وتشديد الرقابة على الطرق الفرعية التي أصبحت ممرًا للمركبات المخالفة وغير المرخصة، مؤكدين أن فقدان "حبيبة" ليس حادثًا فرديًا بل نتيجة لسلسلة من الإهمال.
وزارة التعليم تنعي الطالبة
بدورها، أصدرت وزارة التربية والتعليم بيانًا مقتضبًا نعت فيه الطالبة، وقدمت العزاء لأسرتها، مشيدةً بتفوقها وتميّزها الدراسي، وأكدت على ضرورة توفير مناخ آمن لطلاب الثانوية العامة، سواء أثناء الامتحانات أو بعدها.
النهاية قبل البداية
رحلت "حبيبة" دون أن ترتدي ثوب التخرج أو تمشي أولى خطواتها نحو الحلم. تركت خلفها دفترًا مملوءًا بالملاحظات الدراسية، وورقة نتيجة كان يمكن أن تكون مفتاحًا لمستقبل مشرق.