كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، في تحقيق رسمي أجرته بتكليف من مدير جامعة إدنبرة السير بيتر ماثيسون، أن الجامعة العريقة استفادت ماديًا وعلميًا من تجارة الرق عبر المحيط الأطلسي، وأسهمت في ترسيخ أفكار عنصرية مغطاة برداء "العلم"، على مدار القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

تمويل من تجارة العبيد

أوضح التحقيق أن الجامعة تلقت ما يعادل 30 مليون جنيه إسترليني بأسعار اليوم من طلاب وخريجين ومانحين ارتبطوا بشكل مباشر بتجارة العبيد واقتصاد المزارع الاستغلالي داخل الإمبراطورية البريطانية. وتصل هذه القيمة، عند احتسابها وفقًا لنمو الناتج المحلي الإجمالي، إلى ما يقرب من 845 مليون جنيه.

ووفق التقرير، فإن الجامعة شجعت صراحة على جمع تبرعات من شخصيات ذات صلة بالعبودية لتمويل إنشاء عدد من مبانيها البارزة، مثل "الكلية القديمة" و"كلية الطب القديمة" في الجسر الجنوبي، في سبعينيات القرن التاسع عشر.

أوقاف نشطة من إرث الاستعباد

رصد التحقيق وجود ما لا يقل عن 15 وقفًا ماليًا مرتبطًا بالاستعباد الأفريقي، و12 وقفًا آخر ذا صلة بالاستعمار البريطاني في الهند وسنغافورة وجنوب أفريقيا، ولا يزال 10 منها قائمًا حتى اليوم، بقيمة لا تقل عن 9.4 مليون جنيه إسترليني.

دعم "العلوم الزائفة" والتسلسل العنصري

خلص التقرير إلى أن إدنبرة كانت مركزًا مؤثرًا في دعم وترويج ما عُرف لاحقًا بـ"العلوم الزائفة" التي نظّرت لتفوّق العرق الأبيض. وقد احتضنت الجامعة أكاديميين وضعوا أسسًا عنصرية في تصنيف البشر، وضعت الأفارقة في أسفل هذا التسلسل.

كما وثّق التحقيق امتلاك الجامعة لما يقارب 300 جمجمة لأشخاص مستعبدين أو محرومين، استُخدمت في أبحاث حول "فراسة الدماغ" — وهي دراسة ادعت أن ملامح الجمجمة تعكس السمات العقلية والأخلاقية، في محاولات علمية غير دقيقة لتعزيز أفكار التفوق العرقي.

اعتراف رسمي بالتاريخ المظلم

في تعليق على نتائج التقرير، قال مدير الجامعة السير بيتر ماثيسون: "لا يمكننا أن نختار من تاريخنا ما يناسبنا. علينا مواجهة الحقائق المؤلمة بشجاعة، والاعتراف الكامل بإرثنا، مهما كان ثقيلًا".

استمرار التمييز حتى اليوم

أشار التحقيق إلى استمرار نقص التنوع في الجامعة، حيث لا يتجاوز تمثيل أعضاء هيئة التدريس من ذوي الأصول الأفريقية 1%، بينما تبلغ نسبة الطلاب السود 2% فقط — وهي أرقام متدنية مقارنة بالتركيبة السكانية في المملكة المتحدة، ما يعكس خللًا مستمرًا في ممارسات الشمول والعدالة.

تساؤلات حول دور الجامعة في "عصر التنوير"

أثار التقرير أسئلة جادة حول الدور الذي لعبته جامعة إدنبرة خلال "عصر التنوير الإسكتلندي"، خاصة في ظل ارتباطها التاريخي بعدد من المفكرين البارزين مثل آدم سميث وديفيد هيوم. ورغم إسهاماتهم الفكرية، فقد حملت بعض آرائهم مواقف استعمارية وعنصرية تتطلب إعادة نظر ضمن مراجعة شاملة للإرث الأكاديمي للمؤسسة.