لم تكن استضافة جنوب أفريقيا لكأس العالم 2010 مجرد حدث رياضي، بل كانت تتويجًا لرحلة طويلة من النضال والصراع ضد نظام الفصل العنصري (الأبارتايد)، الذي حكم البلاد لعقود وأدى إلى عزلتها التامة عن العالم.
في عام 1948، بدأ الحزب الوطني في جنوب أفريقيا بتطبيق نظام "الأبارتايد" الذي قام على الفصل العنصري الصارم بين البيض والأغلبية السوداء، لم يقتصر هذا النظام على الحياة السياسية والاجتماعية فقط، بل امتد ليشمل الرياضة أيضًا، كانت المنتخبات الرياضية تُشكّل على أساس عرقي، ويُمنع اللاعبون السود من المشاركة في فرق البيض.
ردًا على هذه السياسات العنصرية، بدأت الدول ومنظمات المجتمع المدني حول العالم حملة مقاطعة شاملة ضد جنوب أفريقيا، في عام 1964، تم منع جنوب أفريقيا من المشاركة في الألعاب الأولمبية في طوكيو، وفي عام 1970، علّق الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عضويتها، مما أدى إلى حرمانها من المشاركة في أي من البطولات الدولية، استمرت هذه العزلة لأكثر من عقدين، وكانت الرياضة إحدى أقوى أسلحة الضغط على النظام العنصري.
في أوائل تسعينيات القرن الماضي، بدأت عجلة التغيير تدور في جنوب أفريقيا، فبعد إطلاق سراح الزعيم الأسطوري نيلسون مانديلا عام 1990، بدأت مفاوضات إنهاء نظام الفصل العنصري، وفي عام 1991، تم إلغاء قوانين الأبارتايد، مما مهّد الطريق لعودة جنوب أفريقيا تدريجيًا إلى المجتمع الدولي.
كانت الرياضة أحد أول القطاعات التي شهدت هذا التحول، في عام 1992، عاد الاتحاد الجنوب أفريقي لكرة القدم إلى الفيفا، وشاركت جنوب أفريقيا للمرة الأولى في الألعاب الأولمبية منذ عقود، لم تكن العودة سهلة، لكنها كانت رمزًا للمصالحة والوحدة الوطنية التي كان يطمح إليها مانديلا.
في عام 2004، فازت جنوب أفريقيا بحق استضافة كأس العالم 2010، لتصبح أول دولة أفريقية في التاريخ تنظم هذا الحدث العالمي، كانت لحظة تاريخية بكل المقاييس. بالنسبة للكثيرين، لم تكن مجرد بطولة كرة قدم، بل كانت احتفالاً بالوحدة، وشهادة على أن "أمة قوس قزح" (وهو اللقب الذي أطلقه الأسقف ديزموند توتو على جنوب أفريقيا) قد تغلبت على ماضيها المظلم.