يُعتبر جاي جاي أوكوشا، الساحر النيجيري الذي أمتع الملايين بمهاراته الفنية الاستثنائية، أحد أعظم لاعبي كرة القدم في أفريقيا؛ لكن تأثيره، مثل العديد من النجوم الكبار، لم يقتصر على المستطيل الأخضر، ففي بلد مثل نيجيريا، حيث تتشابك الرياضة والسياسة بشكل وثيق، يصبح الرياضيون أيقونات وطنية، وتتحول تصريحاتهم ومواقفهم إلى رسائل سياسية قد تكون مؤثرة أو مثيرة للجدل.

على الرغم من مكانته الكبيرة، التزم أوكوشا، مثل العديد من نجوم جيله، بصمت سياسي ملحوظ، نادرًا ما أدلى بتصريحات علنية حول القضايا السياسية الداخلية في نيجيريا، هذا الموقف ليس غريبًا في عالم كرة القدم، حيث يفضل العديد من اللاعبين الابتعاد عن المستنقع السياسي لتجنب الجدل، والحفاظ على شعبيتهم بين جميع أطياف المجتمع
.

في نيجيريا، يمكن أن يؤدي التعبير عن رأي سياسي إلى ردود فعل عنيفة، وقد يُنظر إلى اللاعبين على أنهم متحيزون لفئة معينة؛ لذلك، غالبًا ما يجد الرياضيون أنفسهم في موقف حرج، بين واجبهم كمواطنين ومسؤوليتهم كقدوة للشباب، وقد اختار أوكوشا، على ما يبدو، التركيز على دوره كرياضي وقدوة رياضية
.

في نيجيريا، غالبًا ما تكون كرة القدم هي القوة الوحيدة القادرة على توحيد شعب منقسم، في بلد يعاني من التوترات العرقية والدينية والسياسية، تكون انتصارات "النسور الخارقة" لحظات نادرة من الوحدة والفخر المشترك، هنا يكمن التأثير السياسي الحقيقي للاعبين مثل أوكوشا، فمجرد وجودهم ونجاحهم على الساحة العالمية يبعث برسالة قوية: يمكن للنيجيريين أن ينجحوا عندما يعملون معًا
.

شخصية أوكوشا المحبوبة، ومهاراته الفريدة التي كانت تثير البهجة، ساهمت بشكل غير مباشر في تعزيز هذه الصورة الإيجابية لنيجيريا، هو لم يتحدث عن الوحدة، بل جسدها من خلال لعبه. لقد كان رمزًا للقدرات الفردية التي يمكن أن تخدم الصالح العام
.

بعد اعتزاله، استمر أوكوشا في الحفاظ على مسافة من السياسة المباشرة، ولكنه بدأ يشارك بشكل أكبر في قضايا تطوير كرة القدم في البلاد، والتي غالبًا ما تكون مرتبطة بشكل وثيق بالبيروقراطية الحكومية، على سبيل المثال، شارك في لجان تابعة للاتحاد النيجيري لكرة القدم، وعبّر عن آرائه حول كيفية تحسين إدارة اللعبة
.

هذا النوع من المشاركة يُعتبر نوعًا من "الدبلوماسية الرياضية"، حيث يستخدم الرياضي السابق نفوذه وخبرته للمساهمة في قضايا ذات صلة ببلاده، دون الانخراط في المعارك الحزبية المباشرة.

لم يكن جاي جاي أوكوشا سياسيًا بالمعنى التقليدي للكلمة؛ لكن تأثيره السياسي لا يمكن إنكاره، فمن خلال مهاراته الساحرة، ساهم في توحيد شعب منقسم، ومن خلال التزامه باللعبة، قدم نموذجًا للنجاح الذي يتجاوز الانقسامات، في نيجيريا، كما في العديد من البلدان، لا يُقاس تأثير الرياضي فقط بما يقوله، بل بما يفعله وما يمثله
.