في عالم كرة القدم، يُعرف النجم النيچيري أحمد موسى بسرعته الفائقة وقدرته على تسجيل الأهداف الحاسمة؛ لكن بعيداً عن المستطيل الأخضر، يُقدم موسى نموذجًا مختلفًا ومثيرًا للاهتمام يُظهر كيف يمكن لشخصية رياضية أن تُمارس نفوذًا سياسيًا واجتماعيًا قويًا في دولة مثل نيچيريا، دون الحاجة لشغل أي منصب رسمي.
لقد تحوّل قائد منتخب "النسور" إلى رمز شعبي يتجاوز حدود الرياضة، ليُصبح صوتًا يُعبر عن آمال وطموحات ملايين النيچيريين، تكمن قوة أحمد موسى السياسية في ارتباطه العميق بالشعب النيچيري من خلال أعماله الخيرية والمشاريع التنموية التي يُمولها من جيبه الخاص.
فبدلًا من الاستمتاع بثروته الشخصية في ترف، اختار موسى سد الفراغ الذي خلفته الحكومات المتعاقبة في قطاعات حيوية، قام ببناء مدارس ومرافق رياضية ومراكز مجتمعية في مناطق مختلفة من البلاد، لا سيما في مسقط رأسه بمدينة جوس، هذه الأعمال لا تُعد مجرد هدايا سخية، بل هي رسائل ضمنية توجه انتقادًا لاذعًا للحكومة التي فشلت في توفير أبسط الخدمات الأساسية لمواطنيها.
كان كل مشروع يُنفذه موسى يُعزز من صورته كقائد عملي أكثر فعالية من العديد من السياسيين المحترفين، يُعد أبرز مثال على نفوذه غير الرسمي، ما فعله مع المنتخب الوطني النسائي، ففي حادثة شهيرة، علق منتخب الفتيات في أحد الفنادق ولم تتمكن الإدارة من توفير نفقات السفر للعودة إلى الوطن، مما أثار غضباً شعبياً عارمًا، وفي لحظة حرجة، تدخل أحمد موسى على الفور وقام بدفع جميع التكاليف من ماله الخاص، ليُنهي الأزمة ويُعيد البسمة للاعبات، لم يكن هذا مجرد عمل خيري، بل كان فعلًا سياسيًا بامتياز، لقد كشف عن التقصير الحكومي في دعم الرياضة النسائية، وأظهر مدى تخلي الدولة عن مسؤولياتها.
أدى هذا الموقف إلى توجيه سيل من الانتقادات اللاذعة للمؤسسات الرسمية، في حين ارتفع سهم أحمد موسى في قلوب وعقول النيچيريين كبطل قومي حقيقي، يُمثل الشعب ويُدافع عن قضاياه،تتجلى قوة موسى في "قوته الناعمة"، حيث يستخدم شهرته ومحبته الجماهيرية لتسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية والسياسية الملحة، إنه ليس بحاجة إلى خطاب رسمي أو منبر برلماني لإيصال صوته؛ فكل تصريح له وكل عمل يقوم به يُعد بمثابة بيان سياسي مؤثر.
في دولة تعاني من الانقسامات العرقية والدينية، يُنظر إلى أحمد موسى على أنه شخصية توحيدية، تتجاوز الانتماءات الضيقة بفضل شعبيته التي تمتد من شمال البلاد إلى جنوبها.