تشهد ساحات القتال في السودان تصاعدًا دبلوماسيًا مقابل حالة عسكرية إنسانية متدهورة. 

 

تحركت كل من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر ما عرف بـ«الرباعية»، واقترحت خارطة طريق تتضمن هدنة إنسانية أولية لمدة ثلاثة أشهر تليها وقف إطلاق نار دائم وعملية انتقالية مدتها تسعة أشهر تهدف إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة. 

 

وُصفت الخطوة بأنها محاولة لاحتواء الأزمة عبر ضغوط دولية على الطرفين لوقف الأعمال العسكرية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية. 

 

على الأرض، تستمر المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أكثر من محور، مع تركيز قتال شديد في ولايات دارفور وحول مناطق استراتيجية مثل بورتسودان وأطراف الخرطوم. 

 

تصاعدت المخاوف من استخدام طائرات مسيّرة ذات مدى بعيد قرب قواعد تابعة لقوات الدعم السريع، ما يدل على تصعيد نوعي في قدرات الضربات الجوية وقد يؤدي إلى زيادة الخسائر المدنية وتوسيع رقعة القتال. 

 

في الوقت نفسه تداولت تقارير دولية وأوراق دبلوماسية اتهامات متبادلة تتعلق بتورط أطراف إقليمية في تسليح ودعم مجموعات متقاتلة داخل السودان؛ من أبرز هذه المزاعم اتهامًا مرفوعًا إلى جهات خليجية بوجود مرتزقة وأطقم مسلحة دخلت إلى مناطق الصراع — اتهامات نفَت بعضها دول إقليمية بينما اعتبرتها الخرطوم دليلاً على تدخل خارجي يزيد من تعقيد الحلول السياسية، هذه الادعاءات عزّزت الدعوات لوقف أي دعم عسكري خارجي كشرط لنجاح أي مسار سلام. 

 

الجانب الإنساني كارثي: حصار مستمر لمدن مثل الفاشر في دارفور أدى إلى تفاقم نقص الغذاء وارتفاع مخاطر المجاعة، مع نزوح مئات الآلاف داخليًا وفرار آخرين إلى دول الجوار.

 

الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة تحذر من صعوبات بالغة في إيصال المساعدات نتيجة لغياب الضمانات الأمنية واحتجاب الممرات الإنسانية، وهو ما جعل الدعوات الدولية إلى هدنة إنسانية مُلحة أكثر إلحاحًا. 

 

على الصعيد السياسي، تبدو المواقف الدولية منقسمة: بينما تدفع الرباعية بخريطة طريق وضغوط دبلوماسية لتجميد الاقتتال، تطالب جهات فاعلة أخرى بآليات مراقبة وتحقق دولية لضمان تنفيذ أي اتفاق. 

 

من جهة أخرى، تؤكد المؤشرات الميدانية أن أي اتفاق سيواجه عقبات تطبيق فعلية ما لم تُقطع خطوط التزويد الخارجي للأسلحة وتُقدّم ضمانات لانسحاب القوات من المناطق السكنية. 

 

يمزج المشهد في السودان حاليًا بين محاولات دبلوماسية نشطة لفرض هدنة قصيرة ثم تحويلها إلى حل سياسي شامل، وبين واقع ميداني مؤلم يتضمن تصعيدًا عسكريًا واستخدام تقنيات قتالية جديدة وأزمة إنسانية متفاقمة. 

 

إذا نجحت الرباعية في إقناع الأطراف بوقف الدعم الخارجي والالتزام بهدنة محكمة، فهناك فرصة لوضع مسار انتقالٍ مدني؛ أما استمرار الأجهزة العسكرية والميليشيات في التصعيد ووجود تدفقات أسلحة ومرتزقة فسيحوّل أي اتفاق سطحي إلى هدنة هشة سرعان ما تنهار.