منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر 2023 وما تبعها من تصعيد عسكري في قطاع غزة، حيث شهد القطاع حربًا هي الأطول والأشرس في تاريخه، وفي محاولة لوقف العدوان على القطاع والوصول إلى حل سلمي، انعقدت العديد من القمم العربية لتنسيق المواقف الإقليمية ومناقشة التداعيات السياسية والإنسانية للحرب.

وفي خضم الأحداث الملتهبة التي شهدها الإقليم في العامين المنقضيين، شهدت المنطقة سلسلة قمم طارئة وعادية، كان محورها الأساسي إدانة العدوان، الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وحشد الدعم الدولي لإعادة إعمار القطاع وتثبيت الحقوق الفلسطينية. يرصد هذا التقرير أبرز تلك القمم، قراراتها، وجدولها الزمني منذ اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في جدة، مرورًا بالقمة العربية-الإسلامية في الرياض، وصولًا إلى القمة الطارئة في الدوحة في سبتمبر 2025

وفيما يلي رصد زمني لأبرز القمم والاجتماعات التي عقدت منذ أكتوبر 2023 وحتى القمة العربية-الإسلامية الطارئة في الدوحة سبتمبر 2025، إلى جانب قراءة تحليلية لمخرجاتها وأثرها على مسار الأزمة:

القائمة الزمنية للقمم والاجتماعات الرئيسية

١- 18 أكتوبر 2023 — القمة الاستثنائية التاسعة للمؤتمر الإسلامي — جدة، السعودية
انعقدت هذه القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي استجابةً للتصعيد العسكري في غزة. ركّزت على إدانة العدوان الإسرائيلي، والدعوة لوقف فوري لإطلاق النار، والمطالبة برفع الحصار وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة. وشدد البيان الختامي على ضرورة النظر في آليات حماية دولية للفلسطينيين.

٢- 11 نوفمبر 2023 — القمة العربية-الإسلامية المشتركة الطارئة — الرياض، السعودية
جاءت هذه القمة لتوحيد الصفين العربي والإسلامي في مواجهة الحرب. أصدر القادة بيانًا مشتركًا طالب بوقف العدوان فورًا، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وأكد على مبادئ المبادرة العربية للسلام (2002) والدعوة إلى مؤتمر دولي لإحياء عملية السلام.

٣- 16 مايو 2024 — القمة العربية (الدورة ٣٣) — المنامة، البحرين
هيمنت أزمة غزة على أعمال القمة، التي انتهت بإصدار «إعلان البحرين»، متضمنًا خطة عمل عربية شاملة لوقف الحرب، ودعم قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، والمطالبة بنشر قوات حماية دولية تحت مظلة الأمم المتحدة.

٤- 2024–2025 — اجتماعات متابعة ولجان وزارية
شهدت هذه الفترة سلسلة اجتماعات لوزراء الخارجية العرب ولجان المتابعة في الجامعة العربية، لمتابعة تنفيذ قرارات القمم السابقة، ووضع آليات لتمويل إعادة إعمار غزة، وتقديم تقارير دورية للقادة العرب قبل القمم اللاحقة.

٥- 17 مايو 2025 — القمة العربية (الدورة ٣٤) — بغداد، العراق
تناولت القمة قضايا الأمن الإقليمي وتداعيات الحرب، وأكد بيانها الختامي رفض أي محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين، ودعا إلى إطلاق خطة عربية لتمويل إعادة الإعمار، وأدان الاعتداءات على دول عربية مجاورة.

٦- 15 سبتمبر 2025 — القمة العربية-الإسلامية الطارئة — الدوحة، قطر
جاءت هذه القمة كرد فعل مباشر على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف عناصر في قطر في 9 سبتمبر 2025. أكدت القمة تضامن الدول العربية والإسلامية مع الدوحة، وأصدرت بيان إدانة شديد اللهجة، محذّرة من تداعيات الهجوم على مسار التطبيع الإقليمي، وداعية إلى بلورة خطوات عملية لحماية الأمن القومي العربي ودعم جهود الوساطة القطرية لوقف الحرب في غزة.

تحليل المخرجات والتداعيات

تشير قراءة مجمل هذه القمم إلى ثلاث سمات رئيسية:

  1. وحدة الموقف الخطابي: صدرت بيانات قوية ومتكررة تؤكد الإدانة الجماعية للعدوان والدعوة إلى وقف الحرب، غير أن التحركات العملية على الأرض بقيت محدودة، بفعل الانقسامات الإقليمية والضغوط الدولية.

  2. إعادة تفعيل المبادرات السياسية: عادت المبادرة العربية للسلام إلى الواجهة كإطار مرجعي للحل، مع دعوات متكررة لعقد مؤتمر دولي لإحياء عملية السلام.

  3. تحول في الخطاب نحو العمل التنموي: برزت قمة بغداد 2025 كمنصة للانتقال من بيانات الإدانة إلى صياغة خطط عملية لتمويل إعادة الإعمار، ما يعكس إدراكًا عربيًا متزايدًا لضرورة التعامل مع تداعيات الحرب على المديين المتوسط والبعيد.

 

تؤكد مجمل هذه القمم أن القضية الفلسطينية ما تزال في قلب الأجندة العربية والإسلامية، وأن الحراك الدبلوماسي لم يتوقف رغم تعقيدات المشهد الدولي. غير أن التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذا الزخم السياسي إلى إجراءات عملية تفرض وقف العدوان، وتفتح الطريق نحو تسوية عادلة تضمن الحقوق الفلسطينية، وتعيد الاستقرار إلى المنطقة.