لم تعد الرياضة مجرد منافسة على أرض الملعب، بل أصبحت صناعة متكاملة تدر مليارات الدولارات، وتحوّلت البطولات الكبرى إلى مشاريع استثمارية ضخمة تعيد تشكيل اقتصاديات الدول المستضيفة.

كأس العالم 2022 في قطر

أبرز الأمثلة الحديثة هو كأس العالم 2022 في قطر، حيث استثمرت الدوحة أكثر من 200 مليار دولار في البنية التحتية، من ملاعب حديثة إلى شبكات طرق ومترو ومطارات، ورغم أن هذه الأرقام أثارت جدلًا عالميًا، فإن قطر نجحت في تقديم نفسها كوجهة سياحية واستثمارية عالمية، تقارير دولية أكدت أن عائدات البطولة تجاوزت 17 مليار دولار، بالإضافة إلى مكاسب غير مباشرة مثل تعزيز صورة الدولة وزيادة معدلات السياحة.

الأمر ذاته يتكرر مع الأولمبياد، فدورة الألعاب الأولمبية في لندن 2012 ضخت نحو 14 مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني خلال السنوات التي تلت البطولة، بفضل ارتفاع السياحة والاستثمار الأجنبي. في المقابل، تواجه بعض الدول أعباءً اقتصادية هائلة، مثل اليونان التي ما زالت تدفع ثمن استضافتها لأولمبياد 2004، والذي ساهم في زيادة ديونها العامة.

الاقتصاد الرياضي لا يتوقف عند الدول فقط

لا يتوقف الاقتصاد الرياضي عند الدول فقط، بل يمتد إلى الشركات الراعية، شركات عالمية مثل "كوكاكولا" و"أديداس" و"نايكي" تجني أرباحًا طائلة من رعاية البطولات والمنتخبات، حيث تتحول الملاعب إلى منصات تسويقية تصل إلى مئات الملايين من المشاهدين حول العالم، وفي بعض الحالات، تصبح عقود الرعاية والحقوق التلفزيونية أكبر مصدر دخل للبطولات، كما هو الحال في دوري أبطال أوروبا.

في الدول النامية، قد تمثل البطولات الرياضية فرصة للتنمية المستدامة، استضافة كأس الأمم الإفريقية مثلًا تعني تحسين البنية التحتية وزيادة التدفقات السياحية، لكن النجاح يتوقف على التخطيط بعد البطولة، لأن الملاعب الجديدة قد تتحول إلى "أفيال بيضاء" إذا لم يتم استغلالها.

مع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو كيفية الموازنة بين المكاسب الاقتصادية والتكاليف الباهظة، فبينما تحقق بعض الدول عوائد ضخمة، قد تخرج أخرى مثقلة بالديون.

الخلاصة أن الرياضة في القرن الحادي والعشرين لم تعد هواية أو نشاطًا ترفيهيًا، بل تحولت إلى واحدة من أكبر الصناعات في العالم، والبطولات الكبرى صارت مشاريع اقتصادية وسياسية في آن واحد.