شخصيات رياضية عالمية نادرة هي من تستطيع أن تتجاوز حدود الملعب لتصبح أيقونة في مجال الوعي السياسي والاجتماعي، في هذا السياق، يبرز أسم كريم عبدالجبار، أسطورة كرة السلة الأمريكية، كرمز للرياضي الذي لم يفصل نجوميته عن قناعاته، ولا عن القضايا الكبرى في العالم، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
لم يكن كريم عبدالجبار، الذي اشتهر بتسديدة "السكاي هوك" المتقنة ورقمه القياسي في دوري المحترفين الأمريكي للمحترفين (NBA)، مجرد نجم رياضي حصد الألقاب، بل كان مفكراً وكاتباً وناشطاً، جاء اعتناقه للإسلام عام 1971 ليمنحه بعداً إضافياً، إذ ربطته قضايا العالم الإسلامي والعربي بعمق أكبر، بما في ذلك القضية المركزية؛ قضية فلسطين.
كثيراً ما استخدم عبدالجبار، واسمه الأصلي فرديناند لويس ألسندور، منصته وشهرته للتعبير عن آرائه الصريحة والمبدئية، لم يتردد في التعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته، وذلك من خلال مقالاته ولقاءاته الصحفية، موقفه لم يكن مجرد تعاطف عابر، بل كان جزءاً أصيلاً من رؤيته للعدالة وحقوق الإنسان، وهي رؤية تبلورت لديه منذ انخراطه المبكر في قضايا الحقوق المدنية ومناهضة التمييز العنصري في الولايات المتحدة.
لطالما سادت فكرة عزل الرياضة عن السياسة؛ لكن مسيرة عبدالجبار تثبت أن هذا الفصل ليس ممكناً دائماً، بل قد يكون غير أخلاقي في مواجهة القضايا الإنسانية الكبرى، يمثل عبدالجبار، إلى جانب محمد علي كلاي، جيلاً من الرياضيين الذين رفضوا الصمت، محوّلين نجوميتهم إلى منبر للدفاع عن المظلومين والمهمشين.
في سياق القضية الفلسطينية، يعتبر صوت رياضي عالمي بحجم عبدالجبار بالغ الأهمية، إنه يخترق الجدران الإعلامية ويصل إلى جماهير واسعة، وخصوصاً في الغرب، ويطرح عليهم وجهة نظر مغايرة للسرد السائد، إن موقفه يكسر الصورة النمطية للرياضي السلبي، ويؤكد على أن الشهرة والنجاح ليسا هدفًا نهائيًا، بل وسيلة لخدمة قضايا أكبر وأكثر نبلاً.
اتخاذ موقف علني ومؤيد للقضية الفلسطينية في الساحة الأمريكية، خاصة لشخصية عامة مثل كريم عبدالجبار، لا يخلو من تحديات، فـ غالباً ما يواجه المؤيدون للقضية حملات تشويه أو ضغوطاً إعلامية ومهنية، ومع ذلك، حافظ عبدالجبار على ثباته، مؤكداً أن العدالة لا تتجزأ.